الفصل الأول: الوعي بالتاريخ ودوره في إحداث النهضة
فهرس المقال
- الفصل الأول: الوعي بالتاريخ ودوره في إحداث النهضة
- رؤية كولن للتاريخ
- ثقافة كولن القرآنية
- تأثر كولن بالسيرة النبوية
- آداب الترقي الروحي
- البنى الفاعلة في الحراك التاريخي
- المظاهر المعمارية العتيقة
- لماذا الارتباط العميق بالتاريخ؟
- السمة الفارقة لتنظير كولن
- استلهامات كولن من التاريخ
- أهمية استيعاب الكُنْه التاريخي
- التاريخ وبناء الهوية
- نموذج الفاعل التاريخي
- الصدارة واستحقاقاتها
- مقام خيرية الأمة
- فلسفة التبليغ عند كولن
- قراءة كولن للتاريخ قراءة علمية
- قانون الاستخلاف
- دور القادة والساسة في الظفر بالرهانات
- مهمة رجل الفكر ونضاله
- البكائية
- جميع الصفحات
السمة الفارقة لتنظير كولن
إن كولن عقلية عملية فكرُها مشاريعها، والعكس كذلك.. ربما كانت هذه هي السمة الفارقة لديه؛ إذ اعتدنا أن نرى تجربة نزلاء الصوامع من أهل الانقطاع تُسفِر في الغالب عن محصلة من الأفكار والتنظيرات والرؤى ما أكثر ما كان الطابع المثالي والميتافيزيقي يبتعد بها عن الواقع. بل نستطيع أن نقول: إن كولن تَمازَج في عقله البُعْد التنظيري بالبعد الإنجازي، بحيث لبثت النظرية عنده تصدر متلبسة بثوبها التطبيقي، كما طفق القصد التطبيقي لديه يتمظهر بالمظهر التنظيري؛ لأن حسّ التعمق، ووازع العقلنة، ينحو على الدوام في تفكيره منحى منهجيًّا وعقلانيًّا يُكسِبه هذه الصبغة التنظيرية والتحليلية التي تميز كتاباته.
انظر مثلاً إلى كتابه التلال الزمردية، إنها مدونة سلوك وعرفان، لكن قارءها لا يلبث من أول وهلة أن يكتشف الروح العملية والتطبيقية التي تخرجت فيها تلك المحصلة من المعرفة الروحية الرياضية، والتي طرحها الأستاذ بين أيدينا؛ بحيث أمكننا أن نرى فيها انعكاسًا سافرًا لسيرته هو في مضمار التنسك والارتياض. من هنا وسعنا أن نصنّف هذا المصدر في خانة الدرس التطبيقي وليس التنظيري فحسب.
ومثل ذلك يقال عن كتاب موازين، فمادة هذا الكتاب هي طرح تقعيدي لأفكار الأستاذ في مجال التوجيه والتربية الروحية والمنهجية التي ينهض بها لفائدة الطلاب والمحبين والأتباع، حتى ليبدو هذا المصدر للقارئ أنه توصيف عملي للسيرة الأخلاقية والانضباطية كما عاشها الأستاذ في حياته، فمادة الكتاب -من ثمة- هي خلاصة تقويمية لتجربة الدعوة والحياة كما لابسها الأستاذ كولن، لذا جاء الطرح فيها يتميز بروح من الواقعية رغم كون المجال مجال مُثُلٍ ومقاصد وتنظير.
على أن دراسته النهرية (النور الخالد) كانت بحق النموذج الجلي لرؤيته العملية ووازعه التطبيقي. فلقد قرأ السيرة بحس سَبْري، وتمثَّلها بمنطق استنتاجي يفيد في تسديد العاملين؛ إذ صدرت الدراسة عن روح بيداغوجية تتوخى الاستفادة والتحصيل والفاعلية.
- تم الإنشاء في