"البراديم كولن" ليس مفهوما مرادفا "للأستاذ كولن" بشخصه وفكره، وبخصوصياته وميزاته؛ لكنَّه يرمز إلى الصيغة المركَّبة بين "فكر الأستاذ" و"مشاريع الأستاذ"، بين "النموذج النظري" و"تطبيق النموذج فعليًّا" فالأستاذ كولن في هذا البراديم هو المحور طبعا، وهو القلب، وهو المحرِّك؛ غير أنه ليس الدائرةَ كلَّها، ولا الجسدَ جميعَه، ولا الآلةَ برمَّتها... هكذا كان، وهكذا ينبغي أن يُعرف ويعرَّف. "البراديم كولن" ينبِّه إلى حقيقة عميقة، وهي أنَّ الأستاذ في مسيرته وكتاباته وتوجيهاته، لم يكن يرسم التفاصيل ويصوِّر الجزئيات واحدةً واحدةً، ولم يكن يُدافع عن تراتبيـَّة قاتلةٍ لمعنى الحياة ولمدلول الإنسان، شأنَ بعض التجارب الحركية التي تصنع قوالب بشرية متشابهة، متنكِّرة لذاتية الإنسان ولخصوصياته، وضاربة عرض الحائط اختلاف البيئات والأنساق الاجتماعية والفكرية والحضارية؛ فالأستاذ كان بمثابة "المرشد"، و"الموجِّه"، و"المنبه"، و"الراسم للخطوط العريضة"، تاركا كلَّ إنسان يُعمل عقله التوليديَّ، ويبدع في فهم النصوص بمراميها ومقاصدها، ويتفنَّن في تطبيق ذلك على واقع الحياة، حسب تخصُّصه، ومداركه، وطاقته... ولهذا، وبسببه، تحوَّلت كلمات قليلة -نسبيا- إلى مؤسَّسات لا تُعدُّ ولا تحصى، ولا تزال تولد كلَّ يوم، في كلِّ مكان، وبكلِّ شكل، في سلسلة رياضية متسارعة.