القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل
فهرس المقال
- القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل
- القلب والروح في تراث[16] الأستاذ
- هو قطعة من قلبه، ونسمة من روحه
- لسان القلوب
- ظلام يسيطر على الأرواح
- حياة القلب والروح
- يا براعم الأمل!
- البشرية الحائرة
- أولا: فشل الأيديولوجيات
- ثانيا: موت الموت
- ثالثا: نهاية النهايات
- رابعا: ما بعد المابعد
- دور العالِم
- النظرية، المصطلح والمفهوم
- الصفحة 15
- الصفحة 16
- إخفاق الفزيائيين، وطبيعة ذلك
- إخفاق الفكر الغربي، وسقوط الأيديولوجيات التوتاليرية
- تفرد الفكر الإسلامي بإمكانية تحقيق السعادة البشرية
- أين الأستاذ فتح الله في هذا السياق؟
- الوحي وسعادة البشرية
- المنجزات العلمية
- خلافة الله في الأرض
- الصراع الموهوم بين العلم والدين
- الرؤية الكونية، ومصدر الحقيقة المطلقة
- ليس المقصد التهوين من شأن العلم المادي والتقنية
- فما هو المقصد المعرفيُّ المنهجيُّ، إذن؟
- وظيفة العلم، ونظرية كلِّ شيء
- الإسلام كلّ... كلٌّ يستحيل تجزُّؤه
- جميع الصفحات
أولا: فشل الأيديولوجيات
لو أنَّ أحدا سئل عن أزمات هذا العصر، في شتى المستويات، السياسيةِ منها، والاجتماعية والنفسية، والاقتصادية... وغيرِها، ثم ادَّعى أنَّ الحلَّ لها لن يكون إلاَّ في "أيديولوجية" من "الأيديولوجيات" العريقة، لاتَّخذه عامة الناس، بله العلماءُ، مسخرةً ومهزلة، ولتيقَّنوا أنه يحيا منفصما عن زمانه ومكانه، وأنه أقربُ إلى عالَم الخيال منه إلى عالم الواقع. ذلك أنَّ جميع "الأيديولوجيات" قد جُرِّبت، ولعدَّة قرون خلت، فما أورثت البشريةَ إلاَّ شقاءً وجحيمًا، ولم ينجُ من لظاها الشرقُ ولا الغرب، الأغنياءُ ولا الفقراء، المستعمِرون ولا المستعمَرون؛ جميعُهم كان ضحيةً بشكل أو آخر لتلك "الأيديولوجيات".
كتب "جون زيغلر" رفقة "إريَل دار كوستا" مؤلَّفا بعنوان "إلى غد يا كارل، حتى نخرج من نهاية الأيديولوجيات"[38]، والدلالة تعني بلا شكٍّ توديعَ "كارل ماركس" بأسلوبٍ ساخر، ومن خلاله "الماركسية" باعتبارها "أيديولوجية"؛ كما أنَّ "فانسون بابَن" قد تحدَّث عن "نهاية الأديولوجيات واختراع الرؤية الإيجابية للمستقبل"[39]. وينقل الصحفي "فيكتور فييلفولت" في مذكراته، التي عنونها بـ"مذكرات الجنديِّ المكسيكيِّ المسلَّح"، أنَّ والده كان يحذِّره من كلِّ الكلمات التي تنتهي باللاحقة "isme"، يقول: "في كلِّ مراحل مراهقتي كنتُ أسمع والدي يحذِّرني من الكلمات التي تنتهي بـ"إيزم"، فإنها جميعا تُقصي، وتفرِّق، وتتسلَّل إلى الأقوال والأفعال فتنثر فيها بذور الشقاق"[40].
فلا مكان إذن، اليومَ "للإيديولوجيات"، سواء في ذلك ما كان في حقل العلم مثل "الداروينية" (Darwinisme)، أو في مجال الفنون مثل "مذهب التعبيرية" (Expressionnisme)، أو في الاقتصاد مثل الرأسمالية (Capitalisme)، أو الفلسفة والأبستمولوجية، مثل الأنثوية (Féminisme)؛ وفي السياسة مثل الشيوعية (Communisme) والعلمانية (Laïcisme).
بل، وحتى ما يعرف في الأدبيات الإعلامية المعاصرة بالإسلاموية (Islamisme)، ومنه الإسلاموي (Islamist) أو حتى "الإسلامي" عادةً؛ ما هو إلاَّ توظيفٌ مغرض يُراد منه تشويهَ صورة الإسلام، وعرضه على نمطٍ "أيديولوجيٍّ"، وبالتالي دفعُ المستمع إلى التقزُّز من النسبة إلى الإسلام[41].
- تم الإنشاء في