القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل
فهرس المقال
- القسم الأول : فصول حول العلاقة بين الفكر والفعل
- القلب والروح في تراث[16] الأستاذ
- هو قطعة من قلبه، ونسمة من روحه
- لسان القلوب
- ظلام يسيطر على الأرواح
- حياة القلب والروح
- يا براعم الأمل!
- البشرية الحائرة
- أولا: فشل الأيديولوجيات
- ثانيا: موت الموت
- ثالثا: نهاية النهايات
- رابعا: ما بعد المابعد
- دور العالِم
- النظرية، المصطلح والمفهوم
- الصفحة 15
- الصفحة 16
- إخفاق الفزيائيين، وطبيعة ذلك
- إخفاق الفكر الغربي، وسقوط الأيديولوجيات التوتاليرية
- تفرد الفكر الإسلامي بإمكانية تحقيق السعادة البشرية
- أين الأستاذ فتح الله في هذا السياق؟
- الوحي وسعادة البشرية
- المنجزات العلمية
- خلافة الله في الأرض
- الصراع الموهوم بين العلم والدين
- الرؤية الكونية، ومصدر الحقيقة المطلقة
- ليس المقصد التهوين من شأن العلم المادي والتقنية
- فما هو المقصد المعرفيُّ المنهجيُّ، إذن؟
- وظيفة العلم، ونظرية كلِّ شيء
- الإسلام كلّ... كلٌّ يستحيل تجزُّؤه
- جميع الصفحات
هو قطعة من قلبه، ونسمة من روحه
يقول الدكتور أحمد عبّادي عن "النور الخالد": "إنَّ الأستاذ كتبه لنفسه، قبل أن يكتبه لغيره؛ ولذا كانت محتوياته أبحاثا فيها كدح ومكابدة من قِبل الأستاذ؛ لكي يتعرف أكثر على محبوبه، فلا يخطئ في حقِّه، ويستطيع أن يوفيه بعد ذلك مستحقَّه..."؛ أمَّا الأستاذ جمال تُرك، فيردِّد دائما مقولته الموحية: "مَن أراد أن يعرف الأستاذ، فلْيقرأ النور الخالد؛ ذلك أنه مرآة لحقيقة الأستاذ، وكشف لمكنوناته".
ولقد أوحت لي عبارة الأستاذ جمال أن أؤلّف كتابا، لو قدر الله أن يتمَّ، يكون عنوانه: "الأستاذ بقلم الأستاذ، ترجمة تحليلية من خلال النور الخالد".
والحقُّ أنَّ القارئ لهذا الكتاب، يجده من المقدِّمة إلى الخاتمة صوتا واحدا، يرشح بالمعاناة والشوق والاحتراق؛ ومن ثم فإنَّ فتح الله لم يؤلف "النور الخالد" بعقله ومحفوظاته فقط، وإن كان متحكِّما في تفاصيل السيرة النبوية تحكُّما لا نظير له؛ وإنما سبكَه قبل ذلك بقلبه ووجدانه، وأودعه عيونا من أسرار روحه.
في بيان سبب التأليف يقول الأستاذ: "وكما قلت لإخواني مرارًا: إنني عندما أذهبُ إلى المدينة المنوَّرة أجد رائحته العطرة محيطة بي، إلى درجة تشعرني وكأنني سأقابله بعد خطوة واحدةٍ، وكأنَّ صوته الشجيَّ الذي يحيي القلوب يقول لي: "أهلاً وسهلاً.. ومرحبًا." ثم يضيف مؤكِّدا: "أجل، إنه حيٌّ ونضرٌ في صدورنا إلى هذه الدرجة، فكلَّما تقادم الزمن ازداد نضارة وطراوة وحيوية في قلوبنا"[18].
وعن منزلة الحبيب المصطفى، موضوعِ هذا المؤلف، يقول فتح الله: "إنَّ الزمن يتقادم ويشيخ، وإنَّ بعض المبادئ والأفكار تتعفَّن وتتهاوى، أمَّا منزلة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- فستبقى متفتِّحة في الصدور كأكمام الورود العبقة أبد الدهر، وستبقى نضرة في القلوب على الدوام"[19].
ثم إنَّ الأستاذ، رغم كلِّ ما لاقاه من معاناة، ورغم كلِّ ما كابده من مخاض عسير، لم يطمئنَّ إلى أنَّ قلبه قد احترق حقًّا، وأنه بلغ حبَّ المصطفى المبلَغ الذي يليق به، فراح -كعادته- يلقي اللوم على نفسه، ويسائل روحه، فائلا: "إنني أسائل نفسي وأسائل جميع الذين يتصدَّون للتبليغ والدعوة: هل استطعنا أن نشرح لإنسان هذا القرن حبَّه... حبَّ سيد السادات حبًّا تجيش به القلوب؟ هل استطعنا أن نبهر القلوب والأرواح بهذه العظمة، عظمته -صلى الله عليه وسلم-؟"[20].
ويصدق أن نقول: لو أنَّك شرَّحت قلب الأستاذ لطفح منه رشح "النور الخالد"؛ ولو أنك لامست روح الأستاذ لأصابك لفح من شهاب "النور الخالد"؛ ثم لو أنكَّ حلَّلت "النور الخالد" تحليلا دقيقا، للاح لك شبحُ الأستاذ، مِن هنالك، من بعيد، وهو يذرف الدموع السخينة ويقول: "كلُّ كلام في مدحه -صلى الله عليه وسلم- جميل؛ فإن وجدتم شيئا نابيا، فمنّي ومن أسلوبي، أمَّا ما يتعلَّق بفخر الكائنات فكلُّه مشرق وجميل".
ولقد نقل بعض طلبة الأستاذ أنَّه أوان إلقائه "النور الخالد" دروسًا في جامع "والدة سلطان" بحيّ "أُوسْكُودَار"، كان كلَّما تقدَّم إلى درس اعتقد وآمن، وحضَّر نفسه وقلبه، على أن يكون هو آخرُ مواعظه، وأنه سيلقى حتفه بعد ذلك، ولقد يودع السجن، أو يصاب بمكروه؛ ومن ثمَّ جاءت هذه الخطب النارية في منتهى الصدق، وهي بحقٍّ: نصائح مودِّع للخلق، ولآلئ مقبل على الحقِّ.
- تم الإنشاء في