إن الأنبياء والرسل رغم الفروق واختلاف الدرجات فيما بينهم يشتركون في شيء واحد، وهو أنهم مختارون مصطفون تجلت عليهم ذات الله سبحانه وتعالى؛ فربّاهم وأدبهم وفضلهم على العالمين، وجعل قلوبهم مقتصرة عليه لا تحوم حول أحد غيره. فالصدق هو محور النبوة، ومدار ارتكازها. فكل ما قاله الأنبياء صدق خالص، ولا يمكن أن يجافي الواقع أو الحقيقة. لقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم صادقا مستقيما مثل شعاع الضوء، وأوصى بالصدق بعد أن حققه في نفسه فبلغ به ذروة ليس وراءها سوى الصدق الإلهي.
ورسولنا صلى الله عليه وسلم أمين قبل كل شيء. أمين على الرسالة التي بعثه الله بها، فلا يمكن تصور إخلاله بهذه الأمانة قيد شعرة؛ أمين مع جميع المخلوقات، فالكل يثق به ويطمئن إليه، لأنه أثبت للجميع مدى أمانته فبعث الثقة وأرسى الأمن والاطمئنان في النفوس ثم علّمنا مدى أهمية الأمانة ومدى ضرورتها. أما التبليغ فهو الغاية من وجود كل نبي. فلولا مهمة التبليغ لكان إرسال الأنبياء عبثا ودون معنى. جاء الأنبياء فعلمونا غاية الحياة وحقيقة الموت، فعرفنا أن مجيئنا إلى الدنيا لغاية وأن فراقها لحكمة وأن الموت ليس فناء ولا عدما. وإذا كنا نرى التبليغ واجبا علينا، فقد كان الأنبياء وعلى رأسهم سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم يرونه غاية حياتهم وحكمة وجودهم، فالتبليغ ماء الحياة بالنسبة لهم.