المسامحة
افتح صدرك للجميع... افتحه أكثر ما تستطيع... ليكن كالبحر... لتمتلئ بالإيمان وبمحبة الإنسان... لا تبق خارج اهتمامك أي قلب حزين لا تمد له يدك.
صفق للأخيار بسبب خيرهم وفضلهم، وكن ذا مروءة تجاه المؤمنين، وكن لينا تجاه المنكرين إلى درجة تذوب معها أحقادهم ونفورهم، وكن دائماً كالمسيح عليه السلام في سماحته وفي أنفاسه التي كانت تحيي كل شيء.
لا تنس أنك وراء مرشد كبير على علاقة وثيقة بالسماء يسير على أفضل صراط وأقومه.[1] لاتنس هذا، وفكر في الذين لا يملكون حتى صفة واحدة من صفاته هذه... فكر بهذا وكن منصفاً.
ادفع السيئات بالحسنة، ولا تهتم كثيراً بالسلوك المفتقر إلى الذوق، فكل إنسان يعكس طبيعته وأخلاقه بتصرفاته وسلوكه. أما أنت فاختر لنفسك طريق المسامحة، وكن كريماً عالي النفس حتى أمام الذين لا يعرفون قواعد السلوك والخلق.
أهم ما يميز القلب الذي يهتز بالإيمان هو أنه يحب الحب ويعادي العداوة... أما الذي يكره الجميع وينفر منهم فهو إما شخص سلم قلبه للشيطان أو هو شخص مريض... أما أنت فليكن شعارك هو حب الإنسان والإنسانية.
مع كل حذرك إياك أن تسقط بين أنياب نفسك وسيطرتها ولو مرة واحدة. ذلك لأن الجميع سواك -في نظر هذه النفس- متهمون، وكل شخص آخر هو شخص غير سوي وغير جيّد. وهذا الاعتقاد حسب قول الصادق صلى الله عليه وسلم يسبب هلاك صاحبه. إذن فكن صارماً تجاه نفسك ولين الجانب تجاه الآخرين قدر استطاعتك.
انتبه إلى أنماط السلوك والتصرف الذي يحبب لك الآخرين ولا تنس أن هذه الأنماط من السلوك هي التي ستحببك للآخرين... وتصرف على الدوام بما يليق بالإنسان، وكن يقظاً على الدوام.
اتخذ من معاملة الحق تعالى لك مقياساً لكي تتصرف على ضوئه مع الناس. عند ذلك تكون مع الحق وأنت وسط الناس وتتخلص بذلك من وحشة الوحدة... من وحشة الوحدة والابتعاد عن الله، ومن وحشة الوحدة مع الناس.
تستطيع أن تعرف منـزلتك لدى الخالق بمقدار المساحة التي أفردتها له في قلبك. وتستطيع معرفة منـزلتك لدى الناس بتقييم تصرفاتك تجاههم... لا تغفل عن الحق تعالى لحظة واحدة وكن بين الناس فرداً من الناس.
إذا كان الاعتقاد بأن المؤمنين من الناس يمكن أن يسيئوا إليك.. إذا كان هذا الاعتقاد قد ملأ قلبك تماماً فاعلم أن هذا حكم غير صحيح وصادر عن قلة عقل، وهو وقوع في أسر النفس ونتيجة لذلة الروح... اعرف هذا والتمس "ربانياً" يستطيع هز قلبك وإسالة دمع عينيك.
ومجمل الكلام: لكي تحفظ منـزلتك ومحبتك لدى الناس فعليك أن تحب للحق وتكره للحق، وليكن قلبك مفتوحاً للحق على الدوام.
الهوامش
[1] المقصود هو الرسول صلى الله عليه وسلم. (المترجم)
- تم الإنشاء في