رجل التغيي
آمن الشيخ فتح الله بأن الثورة التي تمت في وسائل الاتصال حولت الدنيا إلي قرية عالمية صغيرة، لذا فإن أي حركة قائمة علي التعصب والخصومة والتنافر لن تؤدي إلي أي نتيجة إيجابية.
إن أي حدث أو تحول في أي جزء من العالم قد يؤثر علي العالم بأسره، لذا وجب الانفتاح علي الجميع مهما كان فكره أو عقيدته أو مبدؤه، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وحلْف "وارسو" رأي الشيخ فتح الله أن النظم التي تحكم العالم وضعت الإسلام والمسلمين في خانة الأعداء الضعفاء الذين يجب محاربتهم.
وهذا يدفع البعض إلي الحدة بل إلي الإرهاب، وكانت هذه النظم تسمِّي الجهاد بغيا، والحرب سلاما، والظلم عدلا، والحقد حبّا، لذلك بدأ الشيخ فتح الله بالدعوة إلي فتح باب الحوار والمسامحة في المجتمع التركي الذي تحاول قوي عديدة تمزيقه بالخلافات العنصرية والقومية والمذهبية والطائفية والفكرية، ثم نشر الدعوة إلي الحوار والمسامحة إلي جميع الأماكن التي يمكن الوصول إليها خارج تركيا كذلك. المعروف أن هناك عظماء يكونون منظرين جيدين، ولكنهم يفشلون عندما يحاولون تطبيق نظرياتهم علي الواقع العملي، وهناك رجال دعوة وحركة ونشاط، ولكنهم لا يملكون المعرفة الكافية ولا البصيرة النافذة لإحداث تغيير في المجتمع.
وهناك رجال دولة وإدارة أو أصحاب اختصاص في الاستراتيجية وفنون المناورة فقط، وهناك العديد ممن يتفوقون ويكونون زعماء في الصفوف الأولي من بعض مناحي الحياة، ولكنهم لا يملكون حظا في الساحات الأخري، من هؤلاء الكتاب والشعراء ورجال العلم والفلاسفة، ولكنهم لا يكونون سببا في حركة تغيير وتحويل وتبديل.
والخلاصة أن عالمنا شهد رجالا عظاما كثيرين في عمره الطويل، ولكن آثارهم انحصرت في ساحة معينة، ولم تستطع إجراء التأثير الكافي للتغيير.
ويمكن القول دون تردد، عندما يُذكر الشيخ فتح الله، إنه رجل التغيير إلي الأفضل، ككاتب وفنان.. ترك فتح الله 17 كتابا، وترك علي المستوي الواقعي جيشا من جنود الحق الذين نهلوا من منهله الثر واعتبروا أثرا من آثاره.
المصدر: جريدة الأهرام، 3 نوفمبر 2003.
- تم الإنشاء في