رسائل النور
فتح محمد فتح الله كولن عينيه في بيت يشيع فيه الروح الإسلامية، كان البيت الذي نشأ فيه مزارا ومحل ضيافة لجميع العلماء والمتصوفة المعروفين في تلك المنطقة، كان والده رامز أفندي يحب العلماء ومجالستهم، ويرغب في استضافة أحدهم علي الأقل كل يوم، وهكذا تعوّد محمد فتح الله منذ صغره علي مجالسة الكبار، ووجد نفسه منذ طفولته في بيت علم وتصوف. وكان الشيخ محمد لطفي أَلْوَارلي علي رأس هؤلاء العلماء الذين تأثّر بهم، إلي درجة أنه كان يحسب كل كلمة تخرج من فمه كأنها إلهامات آتية من عوالم أخري. ولكي ندرك مدي تأثره به نذكر أنه مازال يتذكره ويقول عنه: "أستطيع أن أقول إنني مدين له بقسم كبير من مشاعري وأحاسيسي وبصيرتي لما كنت أسمعه منه".
بدأ محمد فتح الله يتعلم اللّغتين العربية والفارسية من والده المغرم بمطالعة الكتب، وعلي رأسها كتاب الله تعالي.
كان والده يحب النبي صلي الله عليه وسلم والصحابة إلي حد العشق، وكان يقرأ الكتب العديدة عن حياتهم حتي تهرأت هذه الكتب من كثرة القراءة.
وكان من أهم ما قام به الوالد هو زرع حب الرسول والصحابة في قلب ابنه.. وهكذا وجّه القدر جميع الاستعدادات الباطنية الكاملة لدي محمد فتح الله كولن لكي تنمو في جو من العدل والتوازن..
بعد ذلك درَس العلوم الشرعية والعلوم المادية، وفي أثناء دراسته تعرف برسائل النور وبحركة طلاب النور، وهي حركة تجديدية شاملة، كان الأستاذ بديع النورسي قد بدأها في الربع الثاني من هذا القرن.. وبتقدمه في العمر تعرف أكثر علي رسائل النور، وهي عبارة عن مدرسة إسلامية شاملة ومعاصرة، علاوة علي أخذ نصيبه من المدارس الدينية والتكايا.. وهكذا تفتحت جميع استعداداته وقابلياته التي أودعها خالقه في فطرته، أيضا أخذ بحظه من العلوم الوضعية وأفكار الفلاسفة في الشرق والغرب.
كل هذه العوامل والظروف ساهمت في تكوين شخصية الشيخ فتح الله، وقد بدأ الشيخ منذ عام 1990م بحركة رائدة في الحوار والفهم والمرونة البعيدة عن التعصب والتشنج، ووجدت هذه الحركة صداها في تركيا في أول الأمر، ثم في خارجها حتي وصلت الحركة إلي ذروتها في الاجتماع الذي تم عقده في الفاتيكان بين الشيخ فتح الله وبابا الفاتيكان إثر دعوة البابا له.
المصدر: جريدة الأهرام، 2 نوفمبر 2003.
- تم الإنشاء في