العبودية لله
يتحدث الكاتب التركي محمد فتح الله كولن عن الغاية من إرسال الأنبياء.. ورغم وجود فروق في المراتب والدرجات بينهم فإنهم يشتركون في شيء واحد.. أنهم أناس مختارون مصطفون تجلت عليهم رحمة الله تعالى، فربّاهم وأدّبهم وفضّلهم على العالمين، وجعل قلوبهم مقتصرة عليه لا تحوم حول أحد غيره.
وتلتقي الغاية التي من أجلها أرسل الأنبياء والرسل مع غاية خلق الإنسان وهي العبودية لله تعالى، ويشير القرآن الكريم إلى هذه الغاية فيقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذَّارِيَات:56).
وإذن فإن الغاية الأساسية من خلقنا والهدف الرئيسي له هو معرفة الله، وإيفاء حقه من العبودية، وليس اقتناء القصور والأموال أو الأكل والشرب والتمتع بلذائذ الدنيا.. وصحيح أن هذه الأمور حاجات فطرية إلا أنها لا تشكل غاية لخلقنا.
وما جاء الأنبياء والرسل إلا لكي يدلّونا على هذه الغاية ويرشدوا إلى هذا الطريق.
يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (الأَنْبِيَاء: 21/25).
الغاية الأخرى من إرسال الأنبياء والمرسلين هو القيام بالتبليغ الديـني، فلو لم يأتوا لَما عرفنا المسائل المتعلقة بالعبادة، ولما عرفنا واجباتنا وما فرض علينا. قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (الْمَائِدَةِ:67).
والتبليغ يعني إرشاد الناس إلى الصراط المستقيم، والتبليغ هو سر إرسال الأنبياء.
من الأسباب التي يمكن ذكرها لإرسال الله تعالى لأنبيائه ورسله هي أن يكونوا أسوة حسنة وقدوة متبعة لأممهم، إن القرآن الكريم يخاطبنا قائلا: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ (الأَحْزَاب:21).
أيضا يأتي الأنبياء والرسل لتأمين التوازن بين الدنيا والآخرة. قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾(القَصَص:77).
المصدر: جريدة الأهرام، 10 نوفمبر 2002.
- تم الإنشاء في