دعاء وبشارة
سأل أحد الصحابة النبي يوما: "ماذا كان بدْء أمرك؟"..
قال صلى الله عليه وسلم "أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم".
ويتناول القرآن الكريم هذا الموضوع في آيتين مستقلتين.
الأولى: دعاء إبراهيم ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (البَقَرَة:129).
الثانية: بشارة عيسى عليه السلام ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (الصَّفّ:6).
يري الشيخ محمد فتح الله كولن أن رسول الله لم يظهر فجأة، بل هو نبي تمّت البشارة بقدومه منذ عصور وعصور، وكان العالم يحتاج إليه.. وينتظره.
إن أكبر دليل وبرهان على نبوته هو هذا القرآن الكريم الذي يعد معجزة خالدة أبد الدهر.
جاء في الترجمة العربية لنسخة التوراة المطبوعة في إنجلترا عام 1944 ما يأتي: "جاء الله من "سيناء"، وأشرق من "ساعير" واستعلن من جبال "فاران". إن رحمة الله تعالى وفضله على الإنسانية ظهرت في سيناء، وهي الموضع الذي كلّم الله تعالى فيه النبي موسى، وهذه الرحمة هي النبوة التي أعطيت لموسى، أما "ساعير" فهو فلسطين، وقد تجلّت رحمة الله تعالى فيه بإرساله الروح الأمين إلى مريم العذراء، وإرساله الوحي إلى عيسى. أما جبال "فاران" فقد ظهر الله تعالى فيها بسر أحَديته ومقام فرديته، و"فاران" هي مكة، إذ ورد في موضع آخر من التوراة إن إبراهيم ترك ابنه إسماعيل في "فاران"، إذن فإن المقصود من "فاران" في التوراة هي مكة.
وهكذا فإن البشارات الثلاث تتعلق بالنبي موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم.
كان اليهود يعرفون من كتابهم صفات الرسول، ولكن الإيمان شيء، والمعرفة شيء آخر.. كانوا يعرفونه ولكن لا يملكون الإيمان به. قال تعالى ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ (البَقَرَة:89).
المصدر: جريدة الأهرام، 9 نوفمبر 2002.
- تم الإنشاء في