موازين دقيقة في مختلف جوانب الحياة يصفها الأستاذ فتح الله كولن
في عصرنا الحالي... عصر الاتصالات السهلة والشاملة لا يزال المسلمون يجهل بعضهم بعضا. وفي دوامة هذا الغزو الثقافي المنصب على رؤوسهم ليل نهار منذ قرن تقريبا والمتوج أخيرا بنداءات العولمة، فقد تم غسل عقول المسلمين تماما أو كاد بالثقافة الغربية.
في عصرنا الحالي... عصر الاتصالات السهلة والشاملة لا يزال المسلمون يجهل بعضهم بعضا. وفي دوامة هذا الغزو الثقافي المنصب على رؤوسهم ليل نهار منذ قرن تقريبا والمتوج أخيرا بنداءات العولمة، فقد تم غسل عقول المسلمين تماما أو كاد بالثقافة الغربية.
لم نعد نعرف سوى كتّابهم ومفكريهم..
ولم نعرف سوى علمائهم... وأبطالهم... ونجوم السينما عندهم.
هل يعرف أطفالنا صورة للبطولة غير الصور المحفورة في أذهانهم عن سوبرمان وعن رجل العنكبوت؟ والحق أنه لا نجاة لنا إلا بعد تحطيم هذه الأسوار الثقافية العالية التي بنوها حول عقولنا. فمثل هذا الاستعمار الفكري والثقافي أخطر من الاستعمار العسكري.
من وسائل التحرر من ربقة هذا الاستعمار الفكري قيامنا بتعريف كتّابنا ومفكرينا. لقد قام الماركسيون في البلدان العربية بترجمة جميع أشعار الشاعر التركي الماركسي ناظم حكمت إلى اللغة العربية وكتبوا عن حياته وعن أدبه وشعره عدة كتب. ولكن لا يعرف أحد في بلادنا شيئا عن الشاعر التركي محمد عاكف والشاعر والمفكر المسرحي التركي نجيب فاضل، ولا عن الشاعر المتصوف جلال الدين الرومي أو يونس أمره.
نحن نعرف عن الشاعر الهندي طاغور أكثر مما نعرف عن المفكر والشاعر محمد إقبال. نحن لا ندعو بالطبع إلى قيود ثقافية أو عزلة فكرية عما يجري في العالم من تيارات فكرية وأدبية وثقافية وفلسفية، ولا ندعو إلى قطع صلتنا مع العالم الخارجي والتقوقع على الذات، ولكننا نريد هنا التأكيد على أمر هام وهو عدم إهمال تقديم من يمثل فكر وروح هذه الأمة. وهذا أمر ضروري لكي تستقيم شخصيتنا وتستقل أفكارنا فلا نذوب في أفكار الآخرين، ولا ننقلع من جذورنا.
وتعريف كتابنا ومفكرينا وذلك بترجمة كتبهم ونقل أفكارهم خطوة مهمة من خطوات التحرر من الأسر الثقافي وعامل توازن. وهذا ما نحاول القيام به منذ سنوات، وما قمنا به الآن من ترجمة هذا الكتاب لمؤلفه الأستاذ الشيخ محمد فتح الله كولن الذي جمع في نفسه شخصية العالم والمفكر والشاعر الفنان.
هذا الكتاب عبارة عن نظرات في مختلف شؤون الفكر والحياة والمجتمع.
يقترب فيه المؤلف من هذه الشؤون مرة بنظر العالم... ومرة بنظر المفكر... ومرة بروح الشاعر... ولكنه لا ينسى في أي مرة من هذه المرات أن أبرز صفة عنده هو أنه داعية يدعو إلى الله تعالى على بصيرة... العقل عنده شيء ضروري، ولكنه لا يكفي... فهناك البصيرة النفاذة أيضا... وهي تخطو أبعد من العقل... والعلم ضروري، ولكن الحكمة أرحب وأوسع.
لا نريد أن نطيل على القارئ..
بل ندعه ليتأمل في هذه النظرات... ويعيش في جوها.
- تم الإنشاء في