الفصل الثالث: تجربة الخدمة..لبنة على طريق نهضتنا المعاصرة
فهرس المقال
- الفصل الثالث: تجربة الخدمة..لبنة على طريق نهضتنا المعاصرة
- ونحن نبني حضارتنا
- العولمة والعولمة المضادة
- المآل المشؤوم
- كيف يقرأ كولن الأحداث؟
- دعوة كولن... عوائق وحقائق
- حراء الرمز
- إعادة تركيب كيان الأمة
- نظرة كولن إلى الحضارة
- بداية الدعوة وتكوين الإنسان الفاعل
- المدرسة، الإنسان، الحضارة
- النهضة بين المدرسة الكسيحة والمدرسة الناجزة
- أهم ما تسعى إليه المدرسة الناجحة
- البيئة والبناء
- الكلمة المفتاحية
- جميع الصفحات
أهم ما تسعى إليه المدرسة الناجحة
وتظل الناحية العقلية من أهم ما تسدد نحوه المدرسة الناجحة؛ إذ تركز على تعبئة القلب بالمخصبات العشقية وبالمواجد، وتأهيب الذهن، وشحذ الملَكات، وتنمية روح التفكير والنقد والاختراع، فبذلك يكون الفرد بما أحرزه من تجلية ذهنية في المدرسة وفي مؤسسات التكوين، إضافة نوعية، ومددًا مفعمًا بالحيوية، تغتني بها الحياة. إن ترويض وتنشئة الجيل على التفكير المنتج القائم على تعويدهم ربط أذهانهم بمجال الكون وما يحويه من معان وبينات، هو من أوكد غايات مدرسة كولن: "إن من أجدى الأمور في بناء الجيل الحاضر هو تيسير تنقلهم بين عوالمهم الداخلية، وبين حقائق الوجود؛ لتحفيز عزم التفكير المنظم لديهم، وتحبيب الإيمان والتعليم والتمحيص والتفكير إليهم، بتدريبهم على مطالعة الآفاق والأنفس ككتاب مفتوح"[7].
لا شك أن المتخرج حين يكون قد ترقى عبر مراحل تكوينه الأولى في جو بيداغوجي وعلمي وروحي متكامل، سيكون على درجة من التأهل والتوازن عالية، الأمر الذي يرشحه لأن يندمج في الحياة العملية دون بوار، وسيتحول إلى المجتمع وقد اكتسب صبغة الإنسان الصالح الذي تتوطد به الفضيلة والسماحة والفاعلية.
إن هذه التجربة الناجحة التي تعمل دائرة خدمة كولن على توسيعها، لا تفتأ تُثبِت من سنة إلى سنة، وحيثما حلّت، اقتدارَها على تكوين النشء التكوينَ النوعي، وتهيئ الدفعات النبيهة، والمرشحة لأن تكون بدورها في المستقبل، قاطرة يتكرس بها الأفق المضيء"[8].
وإن مما يقع على كاهل البيئة الحية التكفل بالخرّيج، والحرص على الاستجابة لما يحمل من كفاءة واستعداد، حتى لا تنهدر الطاقات بددًا كما يحصل في نظمنا التربوية الراهنة.
وما لم توجد المناهج التطبيقية والبرامج الاستثمارية التي تستقبل المتخرّجين، وتتلقف أصحاب التحصيل، وتحولهم إلى عَمَلة وصُناع ورجال إنتاج وتعمير وتطوير، فإن المهمة التربوية تظل بتراء، وبلا سند حقيقي.
إن تقصير المجتمع الأهلي عندنا في الحراك التعميري، يديم ما نراه من نزيف في القدرات، لاسيما على مستوى جموع الدفعات التي تتخرج في كل موسم، والتي لا تزال تتلاحق وتتكدس؛ إذ تجد نفسها أمام الأفق المسدود.
إن من شأن الاستثمار الاقتصادي والثقافي والإنتاجي عامة، أن يفتح الأبواب في وجه الشباب، ويدمجهم في الحياة العملية، وإذا ما هيّأت المشاريع التي توفرها مؤسسات التوظيف ومرافق الاستقبال، مناخًا أخلاقيًّا وتنويريًّا ومدنيًّا يعزّز عملية الإدماج، فلا شك أنها ستساهم في التحول بالمجتمع إلى وجهة الصلاح، وإلى النهج القويم الذي تسوده قيم الخير والطمأنينة.
- تم الإنشاء في