الفصل الرابع: فتح الله كولن وفلسفة البناء بلا عنف
فهرس المقال
- الفصل الرابع: فتح الله كولن وفلسفة البناء بلا عنف
- التأسيس للحراك والنهضوي المعاصر
- دور المثقف في النهضة
- إستراتيجية اللاعنف
- اختيار الأطراف ذات القابلية للتحاور
- الدولة، القائد، الأفراد والبناء الحضاري
- فقه الحضارة
- الأسس الإنسانية في الإسلام
- مصادر العزة والبعد الروحي
- تحرير الإنسان في الإسلام
- سمات النموذج الحضاري الإسلامي
- الفواعل والطلائع.. قادة الفكر والروح
- المحركات والدوافع
- أسس الرؤية الحضارية لدى كولن
- مركزية الدين في الإصلاح
- الهياكل والقيادات
- نشأة كولن وتأثيرها
- أثر التخلية والعزوبة في كولن
- المصلحون والاحتراق الذاتي الدائم
- العقل الملهم وقادة الفكر
- رجال الخدمة ودورهم في البناء
- إستراتيجية قرن العلم بالدين
- تلافي الثغرات في المنهج والأداء والإنشاءات
- جميع الصفحات
الهياكل والقيادات
لإنجاح المشاريع، أيًّا كان طابعها، لا بد من وجود القيادة التي تباشر الإشراف على إدارة تلك المشاريع، ومتابعة مراحل التنفيذ؛ ذلك لأن التقدم في العمل، وضمان الدقة في الإنجاز، يقتضي العين الساهرة، والعقل اليقظ، واليد الصناع، والتدبير الحكيم القادر على إيجاد الأرصدة الوفيرة لتغطية أي مصروف تستلزمه الخطة ويكتمل به البنيان.
ومعلوم أن البرامج الإنجازية تتولاها فرق من العمَلة التي تستوجب بدورها مسيرين وخبراء وأيدي عاملة يلازمون العمل وينخرطون فيه، حتى يبلغ كماله.
ولما كانت إدارة المشاريع، فضلاً عن التخطيط لها، أمرًا حاسمًا ودقيقًا، يتوقف عليه مصير تلك المشاريع ذاتها، كان إشكال الهيكلة من أبرز ما شدد عليه كولن، وكرر التوصيات بشأنه، بل لا نحسبه أغفل الحديث عن الهيكلة في سائر ما كتب؛ ذلك لأنه نظر إلى مسألة التأطير والتسيير ليس فقط على أنها نشاط تقني وأدائي يتم بالكيفيات الاعتيادية التي تتأدى بها الأعمال العادية، أي ببذل الجهد الذي يقتضيه التخطيط، أو الذي تُمليه توجيهات الخبرة، وحسب، بل لقد نظر إليها على أنها من صميم الجهد الروحي والتعبدي الذي يجعل الأعمال تتم في أكمل ما يكون الكمال، باعتبار أن العمل ليس واجبًا ينهيه الإنسان وكفى، بل هو قُربة يتقرب بها العبد إلى ربه، وتزكية يترقى به الشعور، ويكتسب مزيدًا من معاني الاحتساب والسمو، فكل إنجاز هو خطوة على سلم العروج، وبذلك يضحى الأداء إنجازًا يسلك صاحبه في دائرة أهل التميز، فهو فنان دافق الحس، رهيف اللمسة، وهو صوفي روحاني الذوق، نوراني اللقطة.
في حياة المؤمن المحتسب هامشٌ ميمون من عشق وعذوبة، يجعل كل أمر ينجزه، يخرج من يديه وهو في صورة تحمل طابع التميز والمخصوصية التي هي -في الحقيقة- صدًى ملموس لذلك العشق، وأثر مرسوم لتلك العذوبة التي تتوفر لروحه، الأمر الذي يُضفي التفوق والملاحة والمقبولية على كل ما يفعله المؤمن، حتى كوب الماء؛ إذا ناولك إياه، روَّاك وأمْرَاك.
لا ريب أن مما ساعد الأستاذ كولن على رسم المقاييس الوافية، والمعايير الفعّالة التي تأخذها شخصية الإطار المسؤول القائم على تنفيذ الخطط والمشاريع - سيرةُ حياته هو بالذات؛ ذلك لأنه شبَّ وتدرج في أطوار العمر مديرًا لحياته التي خرجت في كلياتها وتفاريقها عن النموذج الحياتي العادي.
- تم الإنشاء في