التلال الزمردية
في كتابه "التلال الزمردية نحو حياة القلب والروح" يتناول المؤلف التركي المبدع محمد فتح الله كولن، مجموعة من الأفكار المضيئة عن التصوف.
وهو يري أن الصوفية تعبير يطلق علي أهل التصوف، وهو يعتقد أن الاختلاف في استعمال هذه الكلمة ناشيء من أصل الكلمة نفسها، فمن قائل إن أصل الكلمة من صوف أو صفاء أو صفوة. واشتهر لدي أرباب التصوف أن الصوفية تعني السالك إلي الحق، والصوفي يعني رجل الحق الذي لا ادّعاء له، إنما تفضل الحق سبحانه وتعالي باختياره وانتقائه لنفسه وصفاه من كدر النفس فصافاه، والصوفي يعني سالك طريق الحقيقة الأحمدية.
يلبس ثياب الصوف الذي هو آية في التواضع، محب للمحبة لا يجافيها ولا يجافي أهلها.
ويري البعض أن كلمة الصوفي آتية من سوفيا التي تعني الحكمة باللغة الإغريقية. ويعتقد محمد فتح الله كولن أن هذه التسمية شيء اختلقه الأجانب رغم أن أكثر الصوفيين من أرباب الحكمة.
إن أول من لقب بالصوفي في التاريخ الإسلامي هو الزاهد الكبير أبو هاشم الكوفي الذي توفي سنة 150 هجرية، وكان التصوف الذي عرفناه منهجا للزاهد أبي هاشم يسير وفق البساطة والتواضع الذي كانت عليه حياة رسولنا صلي الله عليه وسلم والصحابة الكرام.
وغاية التصوف من حيث الهدف هي ربط القلب بالحق سبحانه وتعالي، وإشعال الصدر بنار العشق والمحبة، وقد تحلي الصوفيون الحقيقيون علي طول التاريخ بحسن الخلق والأدب واتبعوا سبيل الأنبياء عليهم السلام، إلا أنه حدث في بعض العهود أن ظهرت انحرافات وزلاّت قد لا يخلو منها مسلك، وليس من الانصاف حصر النظر في تلك الانحرافات وذم مسلك هو في الأصل طريق ذوي القلوب الصافية.
وقد اعتبر التصوف أنه علم حقيقة القلب، علم ما وراء الأشياء، علم الأسرار الكامنة في خبايا الوجود، والصوفي هو تلميذ هذا العلم وفارس ميدانه.
المصدر: جريدة الأهرام، 17 يونيو 2005.
- تم الإنشاء في