الفصل الثاني: المعمار وشخصية الأستاذ النهضوي
فهرس المقال
- الفصل الثاني: المعمار وشخصية الأستاذ النهضوي
- لجوء كولن إلى خرابة مسجد
- العلاقة بين عبقرية كولن والمعمار
- المعمار مصدر إلهام تنظيمي وخدمي
- معاني المعمار والاختلالات المعنوية
- نشوء العمران ونموّ الوازع الديني
- قطاع المساجد سجل بديع لمآثر العثمانية
- الإحالة المعمارية في كتابات كولن
- وجدانية كولن والتناظر بين تيمة الرحم وتيمة الكهف
- صورة الخراب وصفات المعماري في وعي كولن
- الفحوى القدسي والمراس التعميري
- كيف يتصور طراز رجال الخدمة وهمتهم؟
- الخطوط والتشكيلات وأثرها على موجدة الإنسان الصوفي
- فتح الله كُولن والكعبة
- القبة في وجدان كولن
- فتح الله كُولن والأقصى الحزين
- أياصوفيا.. ذات الأجنحة المقصوصة
- القرآن وجغرافية المسجد
- كولن.. الفتوة، الدينامية، والموهبة
- أرشتكتورية الصلاة
- مرصود كولن الأدبي وحقل المعمار
- تيمة الباب
- المساجد والمقابر والمستوى الحضاري
- كولن.. الإعجاب بالفن والعشق والخدمة
- كُولن.. نهضة وتعمير وتجهيز
- ماهية المعمار وعلاقته بالهوية
- الماضي المجيد، والراهن المريض
- رجل الفكر وأجيال المستقبل
- مثال الصحابة مرجعية ومعيارًا
- تماهي الشخصية في المسجد
- البعد المعماري للزمن
- كولن وقراءته للمعمار
- المسجد وتأثيره على خطاب كولن
- المعمار في الهوية التركية
- القرآن والتفاعل المعماري
- جميع الصفحات
الماضي المجيد، والراهن المريض
يستدعي كُولن الماضي ومفاخره، ويستعرض أسماء ذوي النبوغ في شتى مجالات الإبداع، لاسيما في المضمار المعماري: "كان عالمنا زمنًا يسابق العصر في العلوم الطبيعية والدينية، في التصوف والمنطق، وفي تخطيط المدن والجمال، وفي كل مجال ومضمار، بدهاة نقشوا الوجود كالخوارزمي والبيروني.. وأساتذة الحقوق كأبي حنيفة والسرخسي.. واستعدادات اجتازت المقاييس الإنسانية، وعاشت الحياة في خط الوجدان بتقليب القلب والمنطق، كالإمام الغزالي والرازي.. وأبطال الحكمة والفطنة كالإمام الماتريدي والتفتازاني.. وعمالقة الفن كالمعماري خير الدين وعطري ودهده أفندي.. ويمكنه بعد زمن العطل العابر، أن يحرك مجددًا كل الأرواح والأدمغة المنورة، فيحقق النهضة العالمية الثانية والثالثة" .
ولا يزال الإعجاب والتنويه بالرصيد الباهر من المعمار والتفنن يسكنه: "سنأخذ من إبداعات عصورنا البيضاء التي نراها شريحتنا الزمنية الذهبية، ومصدر فخرنا الأبدي.. ونزيد بغزل النقوش على أردية مرفلة تسربل المستقبل ".
وبالمقابل ينعي على المسلمين خرابهم الروحي، مبينًا أهمية ما أرسى الإسلام من تأصيلات في مجال تأهيل الإنسان: "تآكلٌ أصاب المسلمين في بنائهم الداخلي، من حيث الحياة القلبية والروحية" ، ولا أمل في تجاوزهم لهذا التردي إلا بالعودة إلى تعاليم الدين الحنيف. وإن امتياز الإسلام على ما عداه من الأديان، أنه أقام التوازن بين مقومات الوجود كلها، فجهّز المخلوق البشري بأسباب الترقي، وأرشد إلى وجوب تعهد سائر جوانب الماهية الآدمية للفرد؛ بحيث لا يرجّح بعض عن بعض: "الإسلام طرح منسوجاته على العقل والوجدان والروح والجسد.. ولئن تقدم واحد منهم على غيره، في مستوى معين أحيانًا، فليس في قدرة أي منها أن يصوّر الإسلام وحده، أو يمثله، أو يعبّر عنه" .
فالعقل دعامة لا تكتمل إلا بدعامة الوجدان، والروح ركيزة لا تستند إلا بركيزة الجسد الطاهر. وكل اختلال في الحمْية، قد يكون له أثر سلبي على استواء الشخصية.
ولا يزال المعمار في هذا وذاك، يلهمه الأوصاف والنعوت التي يوظفها خطابه في الأداء:
"أرى أن نعيد النظر في طرقنا التي نسلكها قبل كل شيء، وأن نجدد إعمارها، فمن الأسس المهمة لنهضتنا إلهام العشق والشوق وبركتهما، والمتانة والرصانة التي توحي بأمان العقل والمنطق، واستقرار وإنسانية الحرية، والعودة إلى الذات، وبُعد التعمق والدقة والتجريد، ومحور المنطق، وروح الوحي في فننا وفلسفتنا، ومن ضمانات الثبات على النهج الصحيح في التجدد أن نجعل رضا الله غاية الآمال، والروح أساسًا للحركية في جهود الشعور بالواجب، وحب الإنسان وهذا الوطن حرصًا لا يُستغنى عنه، والأخلاقية زادًا حيويًّا في المسير لا يُترك أبدًا، والكائنات والإنسان والحياة كتابًا محفوفًا بالأسرار لا يكفّ عن نبشه، فصلاً بعد فصل، تحت منشور القرآن البلوري، ومصدرًا للقوة مهمًّا لشخصية الإنسان وقيمه البشرية الحقيقية، والقرآن والسنة محورًا للطريق الموصل إلى الهدف والغاية، متناسبًا مع حقانية الهدف والغاية ومقدسيته" .
- تم الإنشاء في