"حركة كولن مصدر إلهام لكل مَن يعمل لمصلحة المجتمع"
ذكرت داليا مجاهد المصرية المولد، ومستشارة "باراك أوباما" رئيس الولايات المتحدة ذكرت داليا مجاهد المصرية المولد، ومستشارة "باراك أوباما" رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أن حركة المتطوّعين التي ارتبط اسمها بالأستاذ فتح الله كولن تُعدّ مصدر إلهام ومثالا حيا لكل من يعمل لمصلحة المجتمع.
ثم أردفت داليا مجاهد أول مستشارة مسلمة في البيت الأبيض: "إنني أرى أن الحركة قد أظهرت للجميع أنه لو اجتمع أناس لا يفكرون إلا في خدمة الإنسانية وتعاونوا فيما بينهم على ذلك، فلا ريب أنهم سيقومون بالكثير والكثير من الأعمال التي ينتفع بها مجتمعهم".
وقد وصفت داليا مجاهد الأعمال التي تقوم بها حركة كولن في مجال التعاون والحوار بين الأديان بأنها أنشطة مذهلة تفوق العادة.
أدلت داليا مجاهد ببيان لجريدة "زمان" التركية في قطر التي توجهت إليها من أجل المشاركة في قمة الدوحة الثانية المنعقدة من أجل الوصول إلى حلول ناجعة لمشكلة البطالة المتفشية بين الشباب العربي.
وقد أجابت داليا مجاهد على الأسئلة المطروحة عليها بما يلي:
مصطفى أديب يلماز: ما هو التغير الأساسي في نظرة أمريكا إلى المسلمين بعد أن آلت الرئاسة إلى أوباما بعد بوش؟
داليا مجاهد: أرى أن هناك تغيرين أساسيين، أولهما: موقف أوباما من العالم الإسلامي، والثاني: الرد الذي قابله به العالم الإسلامي بناء على موقفه هذا. وإنني أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذين التغيرين هو اللغة التي استخدمها أوباما في حواره مع المسلمين.
أصبح يوجد الآن في البيت الأبيض رئيس يتحدث مع المسلمين باحترام وبشكل سلمي، ويعقد اتصالا مباشرا معهم، ولا يحاول أن يظهر بمظهر يرضي أتباعه في أمريكا، وهذا في الحقيقة أمر مهم للغاية. وبناءا على ذلك أخذت أمريكا والعالم الإسلامي يتحدثان في إطار هذا المنوال عما هو متفق عليه ومختلف فيه، وليس عن حرب تشنها أمريكا على العالم الإسلامي.
مصطفى أديب يلماز: وهل هذا يعني أن هناك أسبابا كافية تدعونا للتفاؤل بشأن تطور وتقدم صورة العلاقات بين أمريكا والعالم الإسلامي؟
داليا مجاهد: أجل، أنا على ثقة من هذا، ففي رأيي أن هذه فرصة كبيرة لا بد من اقتناصها.
مصطفى أديب يلماز: هل ترين أن هذا التغير الذي لحق بخطاب أوباما سيتحول بحق إلى خطوات ملموسة؟
داليا مجاهد: نعم أنا واثقة تماما، فقد وُوجه أوباما بسبب هذه التصريحات بضغوط سياسية هائلة في دولته، ورغم كل هذا واصل عمله، باختصار إن خطاب أوباما وموقفه هذا ليوضحان أنه لا يجري وراء أي منفعة لدولته أو لشخصه أو لفكر سياسي يمثله.
مصطفى أديب يلماز: شاهد الرأي العام العالمي باهتمام كبير خطاب أوباما في القاهرة، لكن من الأمور التي لفتت الانتباه في خطابه هو حديثه عن حرية الأديان وحقوق المرأة، ومع تعدد المشاكل في العالم الغربي اختار مشكلة ارتداء الحجاب خاصة، وانتقد من خلالها بعض الدول الغربية التي لم يسمها، فلماذا تطرق أوباما إلى هذا الموضوع؟
داليا مجاهد: الولايات المتحدة الأمريكية تأتي على رأس الدول التي تكفل حرية الأديان في العالم، وتشكل نموذجا رائعا جدا للدول الغربية الأخرى بما تطبقه من سياسة حالية. إن أمريكا دولة جديرة بالاحترام والتقدير بسبب ذلك الميزان الحساس الذي أقامته بين كفالة حرية الأديان وعرقلة انتشار الأفكار الضالة، وإنني أيضا أحمل نفس الاهتمام الذي توليه الدولة التي أنا قطعة منها لهذا الموضوع. وإنني أقول بصراحة: إن تعريف الناس بأي دولة بالحريات الدينية لا يهدد مطلقا تلك الدولة أو عملها، بل على العكس يقويها ويمهد لها أرضا صلبة تستند عليها إلى الأبد.
مصطفى أديب يلماز: هل تأملين بتقدم في الأعوام المقبلة فيما يتعلق بالديمقراطية في العالم الإسلامي؟
داليا مجاهد: من الصعب جدا الجزم بهذا، إلا أنني لا بد أن أقول إنني غير مسرورة تماما من وضع الديمقراطية في العالم الإسلامي، فالديمقراطية للأسف الشديد ليست قوية بمعظم بلدان العالم الإسلامي، ولا أتوقع كثيرا من التغيرات في المستقبل القريب في هذا الأمر. يقول أوباما على الدوام إنه يرغب في إبراز مثال يقتدي به كل العالم، وذلك بتفعيل ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية، والأخذ بالقيم التي لا بد منها.
مصطفى أديب يلماز: ما هذه القيم؟
داليا مجاهد: مثلا: هيمنة القانون، إقامة مؤسسات قوية، والعمل على تباين القوى بين هذه المؤسسات، حقوق الأقليات، حرية المرأة ، حرية الأديان. فيجب أن تترسخ هذه القيم في كل ديمقراطية. إن رغبة أوباما في ظهار كل هذا إلى العالم من الأهمية بمكان، إلا أنه من الصعب التخمين حقيقة بتأثير هذا الأمر على مسألة النضال من أجل الديمقراطية لدى بعض الشعوب. سنرى هذا مع الوقت.
مصطفى أديب يلماز: ما الوعود التي قطعتها حركة كولن على نفسها من أجل العالم والإنسانية؟
داليا مجاهد: إنني أرى أن الحركة قد أظهرت للجميع أنه لو اجتمع أناس لا يفكرون إلا في خدمة الإنسانية وتعاونوا فيما بينهم على ذلك، فلا ريب أنهم سيقومون بالكثير والكثير من الأعمال التي ينتفع بها مجتمعهم، والحركة خير مثال على ذلك. إن الحركة صارت مصدر إلهام للناس عامة وللمسلمين خاصة، حيث أشعرتهم بقدر النجاحات التي يمكنهم أن يحققوها بتعاونهم وتساندهم، وإني آمل أن يتبنى كل الناس خارج تركيا هذه الفكرة في المستقبل القادم.
مصطفى أديب يلماز: إذا ما تأملنا في الأنشطة التي تقوم بها حركة كولن في جميع العالم تقريبا فهل لنا أن نقول إن الحركة قد حققت هدفها المنشود منذ عهد بعيد؟
داليا مجاهد: أجل إنني على علم بأن هؤلاء الناس يتحركون في دائرة واسعة، ويقومون بتضحيات هائلة حتى يتسنى لهم خدمة كثير من الناس ممن ينتسبون إلى ثقافات مختلفة، إلا أن هناك حقيقة لا ينبغي إغفالها وهي أن هذه الحركة لا يزال الجزء الكبير من أعضائها من الأتراك فقط. ولذا فإنني أرى أنه من الضروري أن يتبنّى جميع المسلمين هذه الحركة من كل الجنسيات، فمثلا كل القائمين على تأسيس المنظمات ممن نعرفهم في أمريكا من الأتراك، وعلى ذلك يجب أن تستحيل هذه الحركة إلى فكرة تحتضن كل مسلمي العالم. وهذا ما أوصى به هذه الحركة التي تستحق مني كل تقدير واحترام.
مصطفى أديب يلماز: ما رأيك فيما تقوم به الحركة من حوار بين الأديان والثقافات المختلفة؟ أعتقد أن هذا الموضوع من أوائل القضايا التي تشتغلين بها في البيت الأبيض.
داليا مجاهد: قامت الحركة بأعمال عظيمة فيما يتعلق بمسألة الحوار بين الأديان، فبدا بوضوح أن إعطاء تلك المساحة للحوار بين الأديان والثقافات من المبادئ الهامة في الحركة. إنني أرى أن موضوع الحوار الذي تركز عليه الحركة مهم جدا، وله بالغ الأثر في الناس. هناك الكثير من الأمور التي سيعلّمها هؤلاء الناس إلى كل العالم، ولذلك فإنني أرى أنه من الضروري تنوّع الساعين في هذه الخدمة، وهو ما أعتقد أنه سييسر الوصول إلى هذا الأمر.
مصطفى أديب يلماز: تثار ادعاءات أحيانا ليست في صالح الحركة، وكأن الحركة تعمل للوصل إلى هدف خفي، فما رأيك في هذا؟
داليا مجاهد: إنني أنظر إلى الشيء المحسوس دائما، أريد أن أرى أدلة ملموسة لكي أهتم بمثل هذه الادعاءات، لم أطّلع على شيء بهذا الشأن حتى وقتنا هذا، ولذا فإنني أقول بصراحة: إن هذه الادعاءات ليست جديرة بالاهتمام.
المصدر: جريدة "زمان" التركية، 16 يونيو 2009.
- تم الإنشاء في