يشكل العلم جانبًا من حب الحقيقة، ويشكل الدين الجانب الثاني.. أجل! فالعلاقة بين وعي الإنسان وإدراكه وبين الوجود يمكن في جانب منها كشف الحقيقة وتعيينها.. وهناك في الجانب الآخر منها كيفية تصرف الإنسان تجاه الوجود.. الجانب الأول يقع على كاهل العلم (ومن ضمنه مصادر المعرفة الدينية).. أما الجانب الآخر فيعينه الدين..
العلم الذي لا يملك شوقًا لتحليل الوجود وإيضاحه، هو علم أعمى، وما يَعتقد به لا يخلو من التناقضات.. كما أن العلم الذي يتم الحصول عليه بنية الاستفادة الشخصية أو العائلية أو الاجتماعية سيواجه على الدوام بعض المشاكل، ويكون طريقه مسدودًا.. وكذلك فإن المعرفة المرتبطة بصالح فكرة معينة أو منطق معين أو حزب معين أو فلسفة معينة، ستضلّ طريقها بين الوديان والجبال...
أما الدين -باعتباره يحتوي على حوض علم واسع بمنابع المعرفة التي يملكها- يعد عنصرًا مهمًّا ومحرّكًا حيويًّا من ناحية عشق الحقيقة والتمسك بها، وهو في الوقت نفسه رائد ذو أسلوب واضح وعميق أيضًا في المواضيع التي تتجاوز أفق المعرفة..