ﻫ. كرمه وتواضعه
قبل أن ندخل إلى الموضوع نحب أن نقوم بتذكير بسيط، فقد أشرنا إلى "الفطنة الكبيرة"، ولنكرر هنا أن الفطنة تعني المنطق النبوي الذي له صفة الوحي والذي يعجز أمامه العقل ويفشل وينعقد تجاهه اللسان. قد يقف المنطق بأجمعه ويتعثر في مكان ما، وقد تصل العلوم إلى نقطة معينة، فلا تستطيع تجاوزها إلا أن الفطنة النبوية والمنطق النبوي -حسب التعريف السابق- تحلق فوق الذرى التي تبدو مستحيلة البلوغ، وهذا الأمر دليل آخر على نبوته.
ونحن نحاول أن نستخرج دليل نبوته في كل صفة من صفاته، فعندما نرى صبره لا يسعنا سوى التصديق بأنه رسول الله. فعلى وجه الصبر يمكن مطالعة عبارة: محمد رسول الله. وأهل الإنصاف بأجمعهم يستطيعون قراءة هذه العبارة.. فالذي تحدَّى المهالك جميعها، وتصدَّى للمصائب بهذا الشكل لابد أن يكون رسول الله. وعندما ندقق سيرته من ناحية صفة رحمته تظهر أمامنا الحقيقة نفسها كالشمس في رابعة النهار. ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف حدوداً للرحمة، إذ كان محملاً بالرحمة أكثر من حمولة الغيوم بالمطر. هو باختصار رحمة للعالمين. ولم تقتصر رحمته على الإنسانية وحدها، بل ربما استفاد الكون كله من رحمته هذه، ولا يزال يستفيد وسيستفيد حتى قيام الساعة، وعندما ألقينا نظرة على رحمته رأينا فيها رسالته، فأحببنا أن نعرضها أمام الأنظار.
حاولنا أخيراً شرح حلمه، وذلك كبُعد من أبعاد رحمته، غير أن كل صفة من هذه الصفات تمثل بُعداً من أبعاد فطنته. ويمكن فهم فطنته إن تم تناول كل بعد من هذه الأبعاد على حدة.
1- مقطع من الكرم
بُعد من أبعاد رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم -وبالتالي فطنته- هو كرمه. لنوضح هذا الأمر قليلاً: الكرم هو خصلة حب الخير والعطاء، وكان الكرم من الخصال المرغوبة لدى العرب، وإذا دققت الشعر الجاهلي رأيت العربي يفخر بما ينحره للضيوف من شاة أو بعير، وكانت القبائل والعشائر تتسابق في هذا. ومن المؤكد أن هذا الكرم كان يتم باسم الفخر وباسم الأنانية.
في هذا الجو الذي كان الكرم فيه مرغوباً ووسيلة للفخر ظهر بينهم أكرم الكرماء. وعندما رأوا كرمه انعقدت ألسنتهم من الحيرة فكرم هذا الكريم كان لوجه الله فقط، ولو قام بتقديم الدنيا كلها هدية لأحدهم لما ذكر ذلك، ولما افتخر بكلمة واحدة، بل إنه لم يكن يرضى من الشعراء ذكر كرمه في أبياتهم، وكان يحول كلماتهم في الفخر إلى الله الذي هو أكرم الأكرمين.
كان مرآة نقية انعكس عليها اسم "الكريم" لله تعالى. كان في ذروة تمثيل خلافة الله تعالى في هذا الموضوع كما في المواضيع الأخرى، ولم يكن هناك على وجه الأرض شخص أكرم منه. كان محمد صلى الله عليه وسلم طريقاً للكرم، وكان الكرم طريقاً للجنة. أما البخل الذي عبر عنه القرآن الكريم بـ"الشح" فكان طريقاً إلى جهنم. والذين رأوه -حتى ولو عن بعد- عرفوه من صفاته أنه هو.. فهو المرشد الأوحد للإنسانية إلى طريق الجنة، وهو صاحب الشفاعة العظمى للناس أمام أبواب الجنة، لذا يجب أن يحسب كل إنسان حسابه. ونحن نصفه بصفة من صفات الله تعالى فنقول عنه إنه أكرم الأكرمين، ذلك لأنه بز بكرمه كل المقاييس البشرية، وأصبح في الكرم خليفة ربه.
لقد استطاع بكرمه أن يدخل إلى قلوب استعصى الدخول إليها بصفاته الأخرى، فكأن رحمته تبخرت وصعدت إلى السماء كغيوم، ثم أمطرت على الكون كرما، فرقت القلوب القاسية، وهيأت الجو الملائم لكي تشق النباتات الصغيرة طريقها من التربة، أي فتح الأرواح بحلمه، ثم تربع فيها بكرمه، فإن لم تعرف هذين الجانبين معاً لم تدركه ولم تعرفه حق المعرفة.
لو أراد لكان أغنى إنسان في الدنيا، فمنذ بداية دعوته عرضت قريش عليه هذا مقابل التخلي عن دعوته.[1] وبعد ذلك كان كل ما يعطيه المسلمون في سبيل الله يمر من بين يديه إضافة إلي الهدايا التي كانت تصله من الحكام ومن الملوك، ولكنه لم يلتفت إلى هذا،ولم يدر بخلده هذا الأمر. لقد عد نفسه على الدوام مسافراً في هذه الدنيا، وعاش ونصب عينيه أنه سيترك هذه الحياة، وأن الدنيا ليست سوى شجرة يستظل تحتها المسافر مدة قصيرة في أثناء سفره الطويل.
إذن، فعليه أن يشغل قلبه في هذا السفر الطويل بالأمور المهمة. ثم كان عليه أن يعلِّم الإنسانية الطريق الصحيح وبعد انقضاء الوقت المقدر له تحت هذه الشجرة عليه أن يستمر في طريق سفره.[2] أما الهدف فهدف علوي، فقد كان الوصول إلى الله تعالى غايته الأولى. ثم القيام بوظيفة إيصال الناس إلى الهدف نفسه كان قلبه ممتلئاً حماسة متقدة لتحقيق هذه الغاية. مثل هذا الشخص ماذا يعمل بالدنيا، وما أهمية الدنيا لديه؟! لا أهمية لها عنده طبعا، وهي لا تستحق أن يربط قلبه بها.
وبالنسبة لحياته الخاصة فقد اختار حياة الفقر، وهذا لا يعني أنه يريد أن يصبح الجميع فقراء، ولكنه لم يكن يرضى أن تغلب المعدة الناس جميعاً. ولم يلبث المسلمون أن أصبحوا بفضله من أغنى الأمم في وقت قصير حتى لم يعودوا يجدون بينهم من يقبل الزكاة أو الصدقة؛ وذلك نتيجة ارتفاع مستوى المعيشة عندهم. ولكن كان بينهم زهاد لم يكونوا يقبلون أية هدية مهما كانت جذابة إن كانوا يملكون قوت يومهم. كان هذا نوعاً من الإيثار وعلو الروح، ووَجْد هبة الحياة للآخرين، وترك لذائذ العيش. والذي لم يجرب هذه الأحاسيس، ولم يمتلئ بها لا يمكن أن يفهم هذا. قُدّم مرة قدح ماء بارد إلى أبي بكر على مائدة الإفطار، ولكنه ما أن رفعه إلى شفتيه حتى بكى، فسئل عن سبب بكائه، فقال: لقد أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة قدح ماء بارد، فشربه ثم بكى وقال: "هذا من النعيم الذي سنُسْأَل عنه: ﴿ثُمَّ لَتُسئَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ (التكاثر: 8)، فذكرت ذلك، وبكيت."[3]
وكان أبو بكر قبل أن يشتغل بأمور المسلمين تاجراً، وكان بالسُنح، فأقام هنالك بالسنح بعدما بويع له ستة أشهر يغدو على رجليه إلى المدينة، وربما ركب على فرس له، وعليه إزار ورداء ممشق. فيوافي المدينة فيصلي الصلوات بالناس، فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح. فكان إذا حضر صلى بالناس، وإذا لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب. فكان أبو بكر يغدو كل يوم إلى السوق، فيبيع ويبتاع، وكانت له قطعة غنم تروح عليه، وربما خرج هو بنفسه فيها، وربما كُفيها فرُعيت له. وكان يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا تحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر فقال: بلى لعمري لأحلبنها لك، وإني لأرجو ألا يغيّرني ما دخلت فيه عن خُلق كنت عليه. فكان يحلب لهم. فمكث كذلك بالسنح ستة أشهر، ثم نـزل إلى المدينة فأقام بها، ونظر في أمره، فقال: لا والله، ما يصلح أمور الناس والتجارة، وما يصلحهم إلا التفرغُ لهم والنظر في شأنهم، ولا بد لعيال مما يصلحهم. فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم، ويحج ويعتمر. وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم، فلما حضرته الوفاة قال: رُدّوا ما عندنا من مال المسلمين، فإني لا أصيب من هذا المال شيئا، وأرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمن بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك لعمر، ولقوحا وعبداً وصيقلا وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم، فقال عمر: لقد أتعب من بعده.[4]
لقد تعلم أبو بكر رضي الله عنه عيش الزهد هذا من الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك لأنه علم صحابته بالمثل الذي ضربه لهم فعلياًّ في حياته إمكانية العيش بمثل هذا الزهد.
لقد كان لرسول صلى الله عليه وسلم خمس الغنائم، وذلك حسب أمر الله سبحانه وتعالى، وكان يستطيع التصرف بها كيفما شاء. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير، فجلست فإذا عليه إزار، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثّر في جنبه، وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، وقَرَظ في ناحية في الغرفة، وإذا إهاب معلَّق. فابتدرتْ عيناي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا ابن الخطاب؟» فقلت له: يا نبي الله ومالي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر بجنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذلك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله صلى الله عليه وسلم وصفوته وهذه خزانتك. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا ابن الخطاب! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟.»[5]
عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القول لم يكن يقوله كشخص فقير مضطر لمثل هذه المعيشة لا يملك خياراً آخر، فكما قلنا أعلاه فقد كان في إمكانه أن يكون أغنى رجل في العالم. ولكي تكون لدى القارئ فكرة موجزة عن الموضوع فإنا ندرج هنا ما غنمه المسلمون في معركة واحدة فقط هي معركة "حُنين": (40000) غنم، (24000) بعير، (4000) أوقية فضة (الأوقية هنا تعادل 4 كغم تقريبا) و6000 أسير.[6] علماً بأن حصة الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الغنائم هي الخمس.
فإذا أخذنا بنظر الاعتبار الغنائم في المعارك الأخرى وهدايا الملوك له علمنا أنه لم يكن هناك أي مانع أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يعيش حياة مرفهة جدّاً. ولكنه كان يعيش حياة الفقراء، وكان يوزع كل ما يأتيه على الناس، ذلك لأن الكرم تجسد فيه، وما كان بالإمكان أن يكون هناك شخص بمثل هذا الكرم إلا رسول الله. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل أنموذج الشخص المتوازن في مظهره الخارجي وعالمه الداخلي، فكما كان مظهره الخارجي مهيباً وجميلاً يسحر القلوب والألباب كان عالمه الداخلي الغني يسحر قلوب الناس.
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس"،[7] أي أحسن الناس صورة وسيرة. ويصفه جابر بن سمرة رضي الله عنه فيقول: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أضحيان -أي ليلة كان البدر فيها تاماًّ- وعليه حلة حمراء، فكنت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو أزين في عيني من القمر."[8] ويقول أحد الشعراء على لسان أمنا عائشة رضي الله عنها بأن نساء مصر عندما رأين يوسف عليه السلام قطَّعن أيديهن، ولو رأين سيدي لضربن صدورهن بالسكاكين التي في أيديهن.
يقول الشاعر نديم: "مُلك العجم كله فداء لحجر من أحجار إسطنبول"، ولو فهم هذا الشاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الفهم لقال: "الدنيا كلها فداء لشعرة من شعر الرسول صلى الله عليه وسلم".. كان أحسن الناس وأجمل الناس. ويستمر أنس بن مالك رضي الله عنه في وصفه فيقول: "وكان أجود الناس."[9] يقول ابن عباس رضي الله عنه عن جود النبي صلى الله عليه وسلم: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان"، ثم يصف جوده في رمضان، فيقول: "كان أجود بالخير من الريح المرسلة"،[10] أي إنه كان يجود بآخر ما بقي في يده. وهذه حالة إرادية وروحية، فلم يكن يعيش لنفسه، بل عاش لغيره ولسعادة غيره طوال حياته، ولم يجد فرصة للتفكير في نفسه إذ كان أسعد ما يكون عندما يرى غيره سعيداً، وكان أهل بيته وأقرباؤه يأتون في الصف الأخير من إيثاره، فإن كانت هناك غنيمة يجب توزيعها بدأ ببيوت شهداء بدر وأحد، وكان يعتذر عن إعطاء شيء لأهل بيته قبل إعطاء الناس كلهم.[11]
ولقد كان أشجع الناس، لا يهاب أحداً. أجل، فإلى جانب كل هذه الخصال الرفيعة فقد كان أشجع الناس، وأكثرهم جرأة. فلم يخش أحداً غير الله، على العكس من ذلك، ففي الأوقات التي كان الناس يخافون فيها كان هو كالأسد الضرغام يتقدم نحو الخطر، ونحو أعدائه المتوحشين وحده.[12] وسنعود لهذا الموضوع فيما بعد.
القلوب التي لم يفتحها حلم الرسول صلى الله عليه وسلم والجوانب الأخرى الرفيعة من أخلاقه فتحها كرمه، وصفوان بن أمية مثال على هذا: ففي رواية أوردها مسلم في صحيحه عن ابن شهاب قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، فتح مكة، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بِحُنين، فنصر الله دينه والمسلمين. وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم ثم مائة ثم مائة. قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان قال: "والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأَبغَضُ الناس إليّ، فما برح يُعطيني حتى إنه لأحَـبّ النـاس إلـيّ."[13]
كان يعطي عندما يستعطى إن كان معه، وإلا وَعَدَ. وأحياناً كان يعطي رداءه الوحيد لمن يسأله؛ جاءه مرة بدوي، وطلب منه شيئاً فأعطاه، ثم جاءه ثانية فأعطاه أيضا، ثم جاءه ثالثة فوعده إذ لم يكن معه شيء يعطيه، وقد حزن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقيام هذا البدوي بمثل هذا الإلحاح المتكرر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "سُئلتَ فأَعطيتَ ثم سُئلت فأَعطيت ثم سُئلت فوعدتَ"، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهش لهذا القول، فقام عبد الله بن حُذافة السهمي، وقال: "أنفق يا رسول الله! ولا تخش من ذي العرش إقلالاً"، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم هنيهه، ثم قال: «بذلك أُمِرْتُ.»[14] وما أحسن ما قاله الفرزدق:
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم
كان يقول "نعم" لكل سائليه، ولكن بشرط أن يكون في دائرة الشريعة. أجل، لم يكن له نظير في الجود وفي الكرم، كان كريماً إلى درجة أن هذا الكرم لايمكن تعليله أو تفسيره إلا بالنبوة. ثم إذا كان الكرم طريقاً للقرب من الله تعالى فكيف لا يكون الرسول صلى الله عليه وسلم كريما؟ علماً بأنه كان أقرب إلى الله حتى من جبريل عليه السلام. أليس هو القائل: «السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار.»[15]
إن بعض الكتب ترسم شجرة طوبى كشجرة جذورها في الهواء وأغصانها ممتدة إلى الأسفل، هل شجرة طوبى هكذا؟ لا أدري، ولكني موقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شجرة وارفة ممتدة من الجنة تظللنا. فما أسعد من استظل بهذه الشجرة واحتمى بها!
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الخصوص: «يا أيها الناس! إن الله قد اختار لكم الإسلام ديناً، فأحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء وحسن الخُلق.» الإسلام مع السخاء وحسن الأخلاق، فإن لم يكن عندك ما يؤهلك لقطع المراتب نحو الكمال، فإنك تستطيع الوصول إلى هذه المراتب بحسن الخلق، والسخاء والكرم ضمن نظام هذا الخلق. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس! إن الله قد اختار لكم الإسلام ديناً، فأحسنوا صحبة الإسلام بالسخاء وحسن الخلق، ألا إن السخاء شجرة من الجنة، وأغصانُها في الدنيا، فمن كان منكم سخياًّ لا يزال متعلقاً بغصن منها حتى يورده الله الجنة. ألا إن اللؤم شجرة في النار، وأغصانها في الدنيا، فمن كان منكم لئيماً لا يزال متعلقاً بغصن من أغصانها حتى يورده الله النار.»[16]
وإذا كان البخل نوعاً من عدم التوازن ونوعاً من التفريط، فإن التبذير نوع من الإفراط، فكلاهما نوع من عدم التوازن. والفطنة النبوية تستعمل الكرم والسخاء من أجل إعلاء دين الله. فكما تسلل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القلوب بخلقه اللين وبرحمته، فإنه استعمل ما أفاض الله عليه من النعم لفتح القلوب المغلقة والقاسية.
كانت أمنا خديجة رضي الله عنها أول مسلمة، ومعنى كلمة خديجة ”المولودة مبكرا“، لقد ولدت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عاماً، واهتدت إلى الإسلام قبل الجميع. ومن ثم فقد كان هناك توافق بين الاسم والمسمى، وهذه المرأة التي كانت من أغنى الأغنياء في مكة أنفقت ثروتها كلها في سبيل الله وفي سبيل رسوله حتى أنها عندما توفيت لم يكن عندها ثمن الكفن. ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم استدان ثمن كفنها، لقد كان هذا أنسب شكل وفاة لها.. فقد أنفقت آخر قرش لها في سبيل الله..[17] كانت أنموذجاً آخر لمن سلك الصراط المستقيم. وقد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم كرمه هذا بفطنة كبيرة بحيث لم يذهب كرمه هذا هباء منثوراً، بل استفاد منه في زيادة قوة الإسلام.
2- تواضعه
كان تواضعه بعداً متلألئاً آخر من أبعاد فطنته، فكلما زادت شهرته، وأصبح معروفاً ومقبولاً من قبل الناس زاد تواضعه، فكأن تواضعه ولد معه، واستمر معه حتى وفاته، فهو صاحب القول المعروف: «من تواضع لله، رفعه الله»،[18] وهو صاحب التطبيق العملي لقوله هذا. لقد عد نفسه على الدوام فرداً من الأفراد، ولم يميز نفسه عن غيره. وكان يمثل في نفسه تمثيلاً جيداً حكمة : "كن عند الناس فرداً من الناس."
أجل، إذ لا ينبغي على الإنسان أن يغترّ بمقامه أو بمنصبه فينسى نفسه؛ فكل الناس بشر، والمناصب لا تغير الناس، ولا تجعل منهم مخلوقات أخرى، فعلى الإنسان في كل حال من الأحوال ألا ينسى أنه فرد من الأفراد. إن كانت الديمقراطية أفضل نظام حسبما يراه البعض، فإن الإسلام وصل إليها قبل عدة عصور، ولكننا ضد إطلاق تعبير النظام الديمقراطي على النظام الإسلامي.
وإليكم مقاطع اجتماعية من النظام الإسلامي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمام القاضي شريح ليحاكم مع خصمه الذمي الذي شكاه، فأشار القاضي شريح لعلي رضي الله عنه بالجلوس، فقطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه حاجبيه ولم يقبل ذلك، لأنه لم يرض أن يجلس وخصمه واقف، فهذا ليس من العدالة في رأيه. وتصوروا أن عليّاً رضي الله عنه كان آنذاك خليفة المسلمين، أي رئيس الدولة.[19]
كان الرسول صلى الله عليه وسلم رجل فطرة، ممتزجاً مع الحياة، فكثيراً ما كان الداخل إلى مجلسه لا يعرف النبي صلى الله عليه وسلم من بين أصحابه إلا إذا استنتج ذلك من سلوك وتصرفات الصحابة، أو عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث إليهم. وفي أثناء الهجرة عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه المدينة هرع العديد ممن لم يروا النبي ولم يعرفوه، هرعوا ليقبلوا يدي أبي بكر رضي الله عنه إذ ظنوا أنه هـو النبي، ولكن ما إن أخذ أبو بكر رضي الله عنه مروحة بيده ليروح عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفوا أيهما النبي. ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتصرف أي تصرف يميزه عن أبي بكر.[20]
وكيفية دخوله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عند فتحها مشهورة ويعلمها الجميع، فقد كان منحنياً على مركبه حتى يكاد السرج أن يلمس جبهته. بهذا التواضع دخل هذا النبي الكريم تلك البلدة الكريمة.[21] وفي حديث ترويه أمنا عائشة رضي الله عنها وهي تصف الرسول صلى الله عليه وسلم: "كان يكون في مهنة أهله -تعني في خدمة أهله- فإذا حضرت الصـلاة خرج إلى الصـلاة"، وفي رواية أخرى: "كان بشـراً من البشـر، يفلي ثوبه، ويحلب شـاته، ويخدم نفسه."[22]
عندما كان يقوم بهذا كان الإسلام واسمه يترددان في أقطار عديدة. لقد نظم وقته جيداً بحيث أنه كان يجد وقتاً لهذه الأعمال من بين الأعمال والمسؤوليات والمهام الكبيرة التي كان مكلفاً بها.. لقد كان ذروة في كل خصلة جيدة.
أ ) كان بين الناس
التواضع هو علامة العظمة في العظماء، والتكبر هو علامة الصغار فيهم. ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس، كان أكثرهم تواضعاً.
عند بناء مسجد المدينة بينما كان الجميع يكُدُّ ويعمل، كان هو أيضا يحمل معهم اللبن كفرد من أفرادهم، فعن أبي هريرة أنهم كانوا يحملون اللَّبِنَ لبناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، قال: فاستقبلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عارِضٌ لبنةً على بطنه، فظننت أنها قد شُقَّتْ عليه. قلت: ناوِلْنِيها يا رسول الله. قال: «خذ غيرها يا أبا هريرة، فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة.»[23] وفي حفر الخندق كان كل واحد من الصحابة يربط حجراً على بطنه، أما هو فحجرين.[24] وعندما حضر رجل إلى مجلسه وقابله ارتجف من مهابته، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «هَوِّنْ عليك، فإني لست بملِك، إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القَدِيد.»[25] لقد كان أكثر الناس تواضعاً.
الذين يجلسون في المجالس، ويضعون رِجلاً على أخرى دليلا على التكبر والغرور.. هؤلاء أعدهم مرضى من الناحية النفسية، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يجلس مثل سائر الناس، ويتصرف مثلهم، ولكن ضمن أدب جم. كان جل نظره إلى الأرض، وكانت عظمته تبدو عندما يضع جبهته للسجود على الأرض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله.»[26]
التواضع وعدم التكبر جناحان يطيران بالإنسان إلى الأعالي. وبهذا التواضع الجم استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون هادياً أبديّاً للإنسانية. فقد استطاع الناس أن يقابلوه، ويتكلموا معه بكل اطمئنان وراحة، ويبثوا إليه مشاكلهم، ويعرضوا عليه أسئلتهم، لأن سلوكه المتواضع كان ييسر لهم هذا.
يورد القاضي عياض أن امرأة كان في عقلها شيء جاءته، فقالت: إن لي إليك حاجة. قال صلى الله عليه وسلم: «اِجلسي يا أم فلان، في أي طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضى حاجتك.» قال: فجلست فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليها حتى فرغت من حاجتها.[27]
ولم يكن قيامه بمثل هذه الأعمال يعد ذلاًّ ولا صغاراً، فقد كان أشجع الناس، ووقف أمام الكفر بكل شجاعة وجرأة. يقول عنه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: "لقد رأيتُنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً."[28] بل إن وجوده وحضوره كان ينشر الأمن والطمأنينة فيما حول أي أن تصرفاته البعيدة عن الغرور كانت تنبع من تواضعه.
بـ ) تصرفاته الفطرية
كما أن التواضع ليس ذلاًّ فإن الغرور والكبرياء ليس وقاراً. لقد كان صلى الله عليه وسلم متوازناً في التواضع كما في كل خلقه وتصرفاته حتى أن صفته هذه تسوقنا إلى شهادة أن محمداً رسول الله.
عندما يتصرف القاضي في المحكمة بجدية فهذا وقار، ولكن إن تصرف بالأسلوب نفسه في البيت أمام أطفاله وأهله يكون هذا كبرياء، لأن على الإنسان أن يتصرف في البيت كأحد أفراد البيت. فهذا دستور إسلامي، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من طبقه أما من جاء بعده فقد امتثلوا له وقلدوه. كان الجميع يرونه أكبر من كل كبير، وأعظم من كل عظيم، ولكنه كان يقول: «لن ينجي أحداً منكم عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة.»[29] أجل، لقد كان رجل فطرة إلى الدرجة التي استطاع فيها أن يقول مثل هذا القول، إذ يرى نفسه إنساناً بين الناس، وفرداً بين الأفراد، ثم يضبط وينظم سلوكه وتصرفاته على هذا الأساس.
جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً يسأله الإذن للعمرة، إذ كانوا يسألونه الإذن لأداء العمرة، لأنهم كانوا أفراداً ملتزمين بالنظام، يهرعون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أمر من أمورهم، وفي كل مشكلة تعرض لهم. فمثلاً إن كان لأحدهم بنت في سن الزواج جاء إليه قائلاً: لي بنت بالغة أريد لها كفؤاً، وإن كان لأحدهم بستان يريد أن يجعله وقفاً لله تعالى عرض الأمر أولاً على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أراد الاعتكاف أو السفر راجعه واستأذن منه، فلا يرد طلب أحد. عندما جاءه عمر رضي الله عنه يستأذنه لأداء العمرة قال له رسول الله كلاماً ظل عمر رضي الله عنه يذكره حتى آخر حياته، إذ قال له صلى الله عليه وسلم: «أي أُخَيّ أشركنا في دعائك ولا تَنْسَنا»، فسُرّ عمر رضي الله عنه سروراً كبي، وقال ما معناه “لو وهبت لي الدنيا ما سررت مثل سروري لكلامه هذا.”[30]
ﺟ ) تواضعه وعبوديته
فتح تواضعه القلوب مرة أخرى. كان صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد أمته، ويرقى بها إلى مدارج الرقي والسمو. كان عُمَرُ قد ارتقى بطفرة واحدة إلى مدارج عليا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرتقي بصحابته أكثر وأكثر، فاستطاع أن يحول أمة بدوية إلى أمة معلمة ومرشدة. وبينما كان يرقى بأمته إلى الذرى كان ارتقاؤه هو أكبر وأسمى، وكلما سما إلى الأعالى زاد تواضعه بالنسبة نفسها، أما نظرته إلى نفسه فقد امتلأت بإحساس وبعاطفة العبودية لله تعالى عبودية خالصة.
يروي أحمد بن حنبل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينـزل، قال جبريل: إن هذا الملك ما نـزل منذ يومِ خُلق قبل الساعة. فلما نـزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك، قال: أفملكاً نبيا يجعلك أو عبداً رسولاً؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد صلى الله عليه وسلم. ثم ألا يأمره القرآن الكريم بالتواضع؟ ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحََكَ لِمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ﴾ (الشعراء: 215). فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم للملَك: «بل عبداً رسولاً.»[31] وعندما اختار العبودية جعل الله تعالى عبوديته هذه مدار فخر له، لذا تحدث القرآن عنه في كثير من الأحيان من زاوية صفة عبوديته هذه، وعندما يتشهد المسلمون يشهدون أنه عبد الله ورسوله، أي هو عبد الله ثم هو رسوله، فعبوديته تأتي قبل رسالته.
هناك أناس يكونون عبيداً لغيرهم، ويضعون طوق العبودية في أعناقهم، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان عبداً لله أولاً وآخراً، فلم يكن في أي عهد من عهود حياته عبداً لأحد، ولم ينحن أمام أحد، فعبوديته لله وحده صفة أصيلة فيه. وكإشارة إلى مظاهر عبوديته ترتفع من فوق المآذن كل يوم خمس مرات أصوات الشهادة تعلن للعالم كله بأنه عبد لله ورسول له. هو عبد لله، فقد وصفه القرآن الكريم بهذا الوصف اذ يقول: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾ (الجن: 19). وسواء أكان هؤلاء الذين كادوا يكونون عليه لبداً من الجن أم من مشركي قريش فإن المهم عندنا هو أنه جرى ذكره في القرآن بصفة "عبد الله."
وكذلك تطلق عليه صفة العبد عندما يتم شرح كيف أن القرآن كلام الله، وأن من كان عنده شك في هذا فليأت بسورة من مثله: ﴿وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نـزلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: 23-24).
كذلك يصفه القرآن بصفة العبد في مناسبة صعد فيها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذروة الذرى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ اٰيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
كانت حادثة المقاطعة ثم وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها ووفاة عمه أبي طالب قد جعلته وحيداً بين الناس لا حامي له، أي عندما انقطعت الأسباب، وزالت كل المساند الواحد منها تلو الآخر تجلت الرحمة الإلهية في برج الأحدية من قبل مسبب الأسباب. يقول مفكر العصر سعيد النورسي رحمه الله بأن نور التوحيد ظهر في برج الأحدية حيث دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم كضيف كريم إلى السموات السبع ليرى ربه وخالقه ومالكه.
ليست غايتنا هنا شرح الإسراء والمعراج، لذا لن ندخل في هذا الموضوع، ولكننا نريد جلب أنظاركم إلى ناحية مهمة في هذا الموضوع وهو أن الله تعالى عندما خاطبه في صدد هذه المعجزة المهمة لم يخاطبه بأي اسم من أسمائه الواردة في القرآن أو الإنجيل أو التوراة، أي لم يخاطبه بـ محمد أو أحمد أو أحيد بل خاطبه بكلمة "عبده". فكأنه عندما قال: "إنني عبد الله" قال له الله تعالى: "ما دمت أصبحت عبداً فإنني أجعل العبودية لي أرفع وأسنى درجة، لذا فأينما أحببت أن أوضح قيمتك ذكرت عبوديتك، وأجعل كل مسلم يشهد أنك عبد الله قبل أن تكون رسولاً له، وسترتج السموات والأرض بهذه الشهادة."
الهوامش
[1] «السيرة النبوية» لابن هشام 1/285
[2] البخاري، الرقاق، 3؛ الترمذي، الزهد، 44؛ «المسند» للإمام أحمد 1/391
[3] «حلية الأولياء» لأبي نعيم 1/30
[4] «تاريخ الأمم والملوك» للطبري 4/250-252
[5] البخاري، تفسير سورة (66) 2؛ مسلم، الطلاق، 31
[6] «الطبقات الكبرى» لابن سعد 1/152
[7] مسلم، الفضائل، 48 (عن أنس)؛ البخاري، المناقب، 23 (عن البراء).
[8] «كنـز العمال» للهندي 6/168
[9] البخاري، الجهاد، 24؛ مسلم، الفضائل، 48
[10] البخاري، الصوم، 7؛ مسلم، الفضائل، 50
[11] البخاري، الدعوات، 11؛ أبو داود، الأدب، 100؛ «المسند» للإمام أحمد 1/136
[12] البخاري، الجهاد، 52؛ مسلم، الجهاد، 78، الفضائل، 48
[13] مسلم، الفضائل، 59؛ «الإصابة» لابن حجر 2/187؛ «المسند» للإمام أحمد 6/465؛ «كنـز العمال» للهندي 10/505؛ «السيرة النبوية» لابن هشام 4/137
[14] «البداية والنهاية» لابن كثير 6/63
[15] الترمذي، البر، 40
[16] «كنـز العمال» للهندي 6/571
[17] «البداية والنهاية» لابن كثير 3/158، 159؛ «أعلام النساء» لعمر رضا الكحالة 1/326-331
[18] «المسند» للإمام أحمد 3/76؛ «مجمع الزوائد» للهيثمي 10/325؛ «كنـز العمال» للهندي 3/113
[19] «البداية والنهاية» لابن كثير 8/5
[20] «السيرة النبوية» لابن هشام 2/137
[21] «مجمع الزوائد» للهيثمي 6/169؛ «السيرة النبوية» لابن هشام 4/ 47، 48
[22] «الشمائل» للترمذي 283؛ «المسند» للإمام أحمد 6/256
[23] «المسند» للإمام أحمد 2/381؛ «السيرة النبوية» لابن هشام 2/141
[24] الترمذي، الزهد، 39
[25] «مجمع الزوائد» للهيثمي 9/20؛ ابن ماجه، الأطعمة، 30
[26] «كنـز العمال» للهندي 3/113؛ «مجمع الزوائد» للهيثمي 10/325؛ «المسند» للإمام أحمد 3/76
[27] «الشفاء» للقاضي عياض 1/131
[28] «المسند» للإمام أحمد 1/86
[29] البخاري، الرقاق، 18، المرضى، 19؛ مسلم، صفة القيامة، 71-76
[30] الترمذي، الدعوات، 109؛ أبو داود، الوتر، 23؛ ابن ماجه، المناسك، 5
[31] «المسند» للإمام أحمد 2/231؛ «مجمع الزوائد» للهيثمي 9/18-19
- تم الإنشاء في