أمام صوتي -ومنذ سنوات- تتزاحم صراخاتُ الصمت.. فأكاد أصْرخ بلعن الظلم، والبصق على وجه الظالم، وبإفحام المفتري، وقطع صوت المعتدي، وبزجر الكذّاب المفتري، والقوْل لهم: "أما آن لكم أن تكفّوا؟!"... ولكن لكون هذا ضد طبيعتي، فلا أقول بل لا أستطيع لفظ أيّ شيء لأحد.. لأنني أدرك أن الله تعالى يرى ويعلم كل ما يقع، فأربط الأمر بعدالة القدر الإلهي المطلقة، وأكظم غيظي، وأُودِع قلبي حدتي النابض بالحب على الدوام، وانسجامًا مع فكري وأسلوبي أقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله" تجاه من يخطط الأمور ويسرد ما يعنّ له من أقوال يختلط فيها الصدق مع الكذب، وأتَمْتم: "رضينا، حتى بهذا!" مكتفيًا بهذا.. صحيح أن مثل هذا التصرف سيشجّع الظالمين، ويزيد من جرْأة المفترين، ويقود المعتدين إلى مزيد من الاعتداء... ولكني أرجع إلى نفسي فأقول: "مهما كان، فهؤلاء أيضًا من بني البشر، ربما يخطر ببالهم يومًا ما أنهم ينتسبون إلى الإنسانية، فيرجعون إلى أنفسهم ويكفّون عن هذه الخزعبلات، ويعودون إلى الانصاف.. قد يكون هذا نوعًا من حسن الظن، أو أملاً بعيد المنال، ولكن لا أملك سوى انتظار ذلك اليوم المأمول... أنتظر محاولاً تخفيف الآلام التي تعصف بمشاعري، وجاهدًا لتخفيف غلوائها، بل قد أدلف إلى صمت عميق أراقب نفسي، وأحاول الخروج من عالَم مشاعري..