حقوق الطفل
عندما خلق الإنسان خلق مع أليفه وصديق حياته. ولم يبق وحده إلا مدة قصيرة. لذا فإن خلقه مع زوجه يدل على أن الزواج شيء فطري للإنسان. وأهم هدف لهذه الوظيفة الفطرية هو التناسل. لذا فإن لم تكن الذرية هدفاً للزواج، كان ذلك الزواج عبارة عن مغامرة وتسلية وبقصد اللذة فقط. أما الأطفال الذين يأتون من هذا الزواج فليسوا إلاّ ضحية للحظة لذة.
لا يستمر نسل الإنسان إلا بالإنسان وحده. فإلى جانب الإنسان الذي ارتفع إلى حياة القلب والروح، هناك أجيال لم تر ولم تلق التربية ولم تنمّ ملكاتها الروحية فلم تصل إلى مستوى الإنسانية. وإن كانت من نسل آدم عليه السلام فهي مخلوقات غريبة. فما أتعس المخلوقات من الأمهات والآباء الذين كان من نصيبهم تنشئة مثل هذه المخلوقات.
بنسبة قيام الآباء والأمهات بتزيين الأبناء بالفضيلة يحق لهم أن يقولوا: هؤلاء أبناؤنا. لذا فليس من الملائم للآباء والأمهات الذين يهملون تربية أبنائهم أن يدعوا مثل هذا الادعاء. ولكن ماذا نقول إذن للآباء الذين يدفعون أبناءهم إلى طريق الشر والرذيلة ويبعدونهم عن المستوى اللائق بالانسان؟!
إن بقاء أمة ودوامها مرتبط بالأجيال التي تنشئها... بالأجيال الصالحة المتشربة بروح الأمة. والأمة التي تفشل في تنشئة الأجيال الصالحة التي تستطيع إيداع مستقبلها بين يديها... مستقبل مثل هذه الأمة مستقبل مظلم. ولا شك أن الوظيفة الأولى في تنشئة الأجيال تنشئة صالحة تقع أولاً على الآباء والأمهات.
إن قام الآباء والأمهات بواجبهم على نحو صحيح نحو أبنائهم وربوهم تربية صالحة بحيث يكونون ذوي فائدة لأنفسهم ولمجتمعهم فإن الأمة تكون قد ملكت ركناً قوياً ومهماً. أما إن كان العكس، أي أهملوا تربية مشاعر وأحاسيس أبنائهم تربية صالحة فكأنهم يدفعون إلى المجتمع حشرات ضارة.
عندما تقلم الأشجار، أو عندما تراعى تربية الحيوانات رعاية صحيحة نحصل على ثمرة هذا الاهتمام، ويستمر نسل تلك الشجرة وذلك الحيوان. ولكن عندما تترك الأشجار أو الحيوانات دون رعاية واهتمام لا نستطيع الاستفادة منها الاستفادة المطلوبة. إذن ألا يستحق الإنسان المرسل إلى الدنيا بألف قابلية بذل الاهتمام والرعاية التي نبذلها لشجرة؟
يا ابن آدم! أنت الذي تقوم بجلب الأطفال إلى الدنيا، لذا فوظيفة الارتفاع بالطفل إلى ماوراء هذه السماوات تقع عليك وحدك. فكما تهتم بصحة جسمه وتشفق عليه من المرض، اهتم بحياة قلبه وبروحه واشفق على ذلك المسكين وأنقذه بحق الله، ولا تدعه يخسر الدنيا والآخـرة.
- تم الإنشاء في