التناقضات
كيف يمكنك الوصول إلى نقاء في الفكر وفي الأحاسيس، وكيف يمكنك تنمية ملكاتك الإنسانية وقابلياتك لكي تكون من الربانيين دون أن تتملص من الشهوات الجسمانية والشهوات البهيمية وتعلن عصيانك عليها؟
إن كنت ترغب الوصول في حياتك القلبية إلى "التوحيد" وتذوق اللذائذ الروحية وتغرق فيها... كيف يتسنى لك هذا وفي جوانحك تتراقص ألف رغبة وهوى؟ وكيف يتسنى لك هذا وأنت تستجيب في كل منعطف إلى رغباتك الجسدية؟
إن كنت تتمنى الانطلاق إلى الأعالي، وتسمو إلى عوالم وراء هذه السماوات... إن كنت تتمنى هذا فكيف يليق بك التعلق بأوحال هذه الدنيا كطفل ساذج؟
أنت تنتظر على الدوام فجراً جديداً يطل على أفقك، ولكن كيف يمكن ذلك دون أن تزين قلبك بالمثل السامية، ودون أن تأخذ مكانك وموضعك القديم، ودون أن تكون صرخة تدوي في سمع الدنيا؟
أنت تريد جلب حلول للمشاكل المزمنة المتراكمة منذ عصور وعصور... كيف يمكنك ذلك إن لم تملك أملاً، وإن لم تملك عزم وصبر الانتظار سنوات وعصوراً؟
أنت تتحدث عن تقدم الوطن وعن سعادة المواطنين... ألم تفكر كيف يتسنى هذا إن لم تؤلف بين المدرسة والمعسكر والتكية ولم ترتفع بأجيال هذا المثلث فوق جميع مثلثات الشيطان؟
إن كنت تروم عيش حياة الروح والقلب، وإن كنت تصبو إلى التسامي في مشاعرك وعواطفك... إن كنت تروم هذا فكيف تحصل عليه دون الصوم حتى الغروب؟
أنت تروم جعل دول الدنيا تحترمك وتحسب لك الف حساب... ولكن قل لي كيف تستطيع ذلك إن لم ترجع إلى نفسك وترمي عنك لباس المسكنة وتكون مثل محمد الفاتح أو السلطان ياوز؟
أنت تتوقع أن تكون أمام جميع الأنظار دوماً، وأن يُصفق لك ويُهتف بإسمك، ولكن أنّى يكون هذا وأنت تنكث عهدك كل يوم خمسين مرة؟
أنت ترى نفسك دون أي نقص أو قصور، وتريد من الآخرين أن يروا هذا الرأي ايضا... ولكن أنّى يكون هذا وأنت تحمل على ظهرك ألف إثم كل يوم؟ وكيف يمكن هذا وتصرفاتك في المجتمع تنم عن تناقضات عديدة؟
- تم الإنشاء في