الكلمة أهم واسطة لانتقال الأفكار من ذهن إلى آخر، ومن قلب إلى آخر. والذين يحسنون استعمال هذه الواسطة من أرباب الفكر يستطيعون جمع أنصار عديدين للأفكار التي يريدون إيداعها في القلوب وفي الأرواح، فيصلون بأفكارهم إلى الخلود. أما الذين لا يحسنون هذا ولا يستطيعونه فإنهم يقضون أعمارهم في معاناة فكرية ثم يرحلون عن هذه الدنيا دون أن يتركوا أثراً فيها.
العنصر الأساسي في الأدب هو المعنى. لذا يجب أن تكون الكلمات المذكورة قليلة وقصيرة وغنية بالمعاني. ومع أن البعض حاولوا شرح هذا الأمر كما تناوله القدماء بمواضيع البيان والبديع، أي بفنون التشبيه والاستعارة والكناية والتلميح والجناس...الخ إلا أنني أرى أننا يجب أن نبحث عن الكلام العميق عند المفكرين من ذوي القلوب الملهمة التي تحيط بالوجود وتعرف كيف تتسع قلوبها للوجود كله، وذوي الخيال الواسع الذين نجحوا في رؤية الدنيا والآخرة وجهين لحقيقة واحدة، والذين يملكون إيماناً عميقاً وفكراً تركيبياً قوياً.