داعية القرآن
داعية القرآن، السالك طريقه، العاشق له، الهائم به، الحامل رسالته، الشارب من رحيقه، الهادئ إليه، المهتدي به، الجائع لكلامه، المتعطّش لزلال ينابيعه، الساهر ليله بكلامه، المتعبّد بلسانه، المعلِّم بلغته، المتألّم بآلام أتباعه، من الذين يقدسونه ولكنّهم عن فهمه عاجزون، لأن العربية لا يفهمون.. إنه يدعوهم ليجهدوا في تعلم العربية، ولو بالقدر الذي يمكّنهم من فهم ما يقرأون من آياته وكلامه...
إنّه فضيلة الأستاذ فتح الله كولن.. الذي أحبَّ للعربية أن تكون تاجًا فوق رؤوس المؤمنين من أبناء جلدته الأتراك.. فكَم حدّثهم عن القرآن، وحدّثهم عن تعاليمه وعن قداسته، وحثّهم على تعلّم لسانه؛ فألّف لهم كتابًا غاية في البساطة والسهولة لمن يرغب في تعلّم هذه اللغة التي تفتح لهم طريق فهم القرآن واستدراك ما فاتهم من خير كثير بجهلهم بها..
وقد ألّف الأستاذ هذا الكتاب لتلامذته الذين كانوا يتلقّون عنه دروسهم الدينية لكي يساعدهم إلى حد ما على فهم ما يقرأون من كتاب الله في الستّينيات من القرن الماضي، وهو في العشرينيات من عمره.. و لا زال إلى اليوم يدرّس العربية والعلوم الشرعية لطلابه ضمن منهج يومي متوالٍ..
فكتابه "تعليم العربية بطريقة حديثة" بأجزائه الخمسة، إذا أقبل أيّ إنسان على اتخاذه معلمًا له مبتدئًا بجزئه الأول ومنتهيًا بجزئه الخامس، فإنه سينتهي من ذلك وقد ملك مفاتيح هذه اللغة التي تتيح له فتح أقفالها والإيغال في طرقها وشعابها..
يقول فضيلة الأستاذ عن هذا الكتاب ما يأتي:
"نوينا في سعينا هذا طريقة جديدة ضاربين في جهات شتّى عن نواحي حياة الطفولة، فبذلنا جهودنا في وضع تمرينات عديدة سهلة المعنى قدر الإمكان، وموافقة لمدارك المبتدئين.. ونحن نأمل أن نتمكن من وضع أشرطة تسجيل تعليمية لنصوص الكتاب كأسلوب يساعد الطالب على أن يتعلم بنفسه.. اللهَ أرجو أن يؤجرنا وأن يوفّقنا -بجهدنا القليل هذا- في نشر لغة القرآن وتذليل الصعوبات التي يعانيها التوّاقون إلى تعلّمها، والله من وراء القصد كله، وإليه المرجع والمآب.."(1).
ويقول في حرقة قلب عن القرآن:
"يَتيم هو... أفْديه بروحي... نعم يتيم هو... هناك جموع غفيرة لا تعرف لسانه، ويتألّمون بجهلهم بلسانه... هذا القرآن يبكي بمرارة، إنّه يتيم منذ ثلاثة عصور... لقد مات والده... ماتت جماعة الإسلام... لقد كان بطَلي ومقدامي... دفَنوه في الربوة المقابلة... يتيم هو القرآن.."(2).
فهذا الكلام النابع من حرقة قلب صاحبه ينمُّ عن عشق عظيم للقرآن ولغته، وهو بالتأكيد السبب الذي دفَعه إلى تأليف هذا الكتاب إسهامًا منه في تعظيم كتاب الله، وبالتالي تعظيم اللسان الذي أُنزل به.. وهو في الوقت نفسه دعوة كريمة للمسلمين من غير العرب للاهتمام بتعلّم هذه اللغة، لأنها توصلهم إلى فهم كتاب الله، وهذا هو أسمى ما يبتغيه كل مؤمن صادق الإيمان... فهذا الكتاب إنما هو:
- منهج لتعلم العربية لغير العرب.
- مكتوب لتعلم العربية من غير معلم.
- يأخذ بنظر الاعتبار التعليم لكافة الأعمار.
- كتاب موضوع على أسس تربوية تشويقية للمتعلم من غير ملل.
- هو مفتاح يفتح أبواب "العربية" للمتعلم.
(1) تعليم العربية بطريقة حديثة، فتح الله كولن، مقدّمة المؤلّف، ص:1.
(2) وعظ "الحزن المقدَّس"، مسجد "الحِصار" بمحافظة إزْمِير / تركيا، تاريخ: 24 يونيو 1990.
- تم الإنشاء في