المتوارون خجَلاً

-1-

وحيدًا في طريقكَ اِمْضِ،
بإرادة كالحديد،
وبعزم لا يلين...
فإنْ أخفقتَ، فلْيتوارَ العالَمُ خجَلاً...
لأنه إليكَ لم يصغِ،
وقلبَه إليكَ لم يَفتح...
والقلمُ الذي ينكص عن عَونك،
فلْيتكسَّرْ شظايا،
وليتحولْ للنار طعامًا،
وليذبْ كمدًا وحزنًا..!

-2-

يا طائري...
من رماد الموت قُمْ،
اِنْهَض، ثمَّ انطلق...
فإذا أنكرتْك الأجواء،
وتحاشَتك الأعالي،
فلتنشقّ السماء أسَفًا،
ولتغر النجوم احتجاجًا وألَمًا..!

-3-

فارسنا المقدام،
وراءَ الآفاق،
يخوض القفار،
ويسابق الرياح...
نافذًا كالسهم،
خارقًا كالنَّجْم...
ما أراح ولا استراح،
ولا إلى وطَنه عاد...
فأيُّ مثبّط إذا رآك،
أو قاعدٍ إذا اجتلاك،
لا يذوب خجَلاً،
ولا يتلاشَى ألَمًا..؟!

-4-

في روح الأمة سكين،
وفي صرحها مِعْوَل،
حجرًا حجرًا يتهدَّم...
غُلَّتْ أيْدٍ لتقيمَه لا تتقدم،
وشُلَّتْ أيدٍ للسكين لا تستلُّ،
ولجراح الروح لا تمسح،
ولنـزفها لا تضمد..!

-5-

البنَّاؤون الماهرون رحلوا،
والمكانَ غادروا،
والزمانَ وراءهم تركوا...
فيا ويحَ مَنْ رآهم،
ومنهم لم يتعلّم،
وأصولَ المعْمار لم يتْقِن...
وَا خَجَلاَه، وا أسفاه،
لِمَنْ رأى وغفل،
وسمع وما وعَى..!

-6-

تافِه هو الباطل...
شجرة شيطانية تتغذى بالكبْرِ والصلف،
وترتوي من ماء الكذب الآسن...
ولكنها... سرعان ما تنمو وتكبر،
ويستطيل شوكها،
ليدمي القلوب،
ويجرح الأرواح...
فيا ويلَ الكذب إذا هو راج وانتشر،
والباطل إذا اشتعل واشتجر...
أفلا يخجل الكذب من نفسه،
والباطل من شأنه؟!
والكذَّابون المبطلون، أيخجلون،
أم هم في غيّهم سادرون..؟!

-7-

يا روحًا للخير منذورة،
ولطريق الحق مرصودة..!
اِمْضي في طريقكِ راشدة مرشدة،
وإلى غيرك لا تتلفتين...
بل أقيمي العزاء،
وانشري الرثاء،
لمن مات من الأرواح،
ولمن ضلَّ منهنَّ الطريق،
وتاه في الأوهام والسرابات..!

المصدر: مجلة "سيزنتي" التركية، مايو 1984؛ تعريب: أديب الدبّاغ.

Pin It
  • تم الإنشاء في
جميع الحقوق محفوظة موقع فتح الله كولن © 2024.
fgulen.com، هو الموقع الرسمي للأستاذ فتح الله كولن.