ما يذكّره الموت... وما بعده

يولد الإنسان لكي يموت... ويموت لكي يحيا... ويحيا لكي يعيش الحياة الأبدية... نأتي إلى هذه الدنيا فرادى... ونقطع الطريـق الطويل لهذه الحياة فرادى... وعلى الرغم من جميع النواحي التي نشترك فيها مع غيرنا فكل واحد منا يعيش حسب قدره هو... يعيش قدره حسب البرنامج المخطط لـه... ثم يودع هذه الدنيا دون أن ينظر خلفه، ويرحل لكي يعيش حياته الأبدية.

أجل!.. ما أن يخطو الإنسان خطوته الأولى في الحياة حتى يكون العد التنازلي قد بدأ بالنسبة له. بل إن هذا العد التنازلي يبدأ في بدء حياته وهو جنين في بطن أمه، أي يكون بداية النهاية له. ومراحل الطفولة والشباب والنضج والكهولة والشيخوخة ليست سـوى منازل مختلفة لـه. وحسب نصيب الإنسان وقدره إما أن يمر من جميع هذه المنازل ويستضاف فيها فترة، أو يجبر في نقطة مجهولة على ترك أحد هذه المنازل قبل بلوغ هدفه، مثلما يقذف أحد المسافرين من قطار متحرك في موضع ما قبل بلوغ القطار نهاية خطه، وهكذا تنتهي كل علاقة له بالدنيا. والذين تثار مشاعرهم وأفكارهم وتتقلب على لظى النار كل يوم من مثل هذه الحوادث في أثناء سفرهم هذا بسبب تفكيرهم بالمحطة الأخيرة، أو بسبب اقترابهم من خالقهم حقيقة، يحسون باليد الباردة للعدم وهي تجول خلف ظهورهم على الدوام، فتصفرّ منهم الوجوه، وترتجف منهم الأبدان، وهم يتوقعون نهاية سفرهم في كل لحظة، ويترنحون ترنح الأوراق الصفراء في الخريف، ويحسون بكل ألم في كل آن بأنهم في قبضة الفناء والتحلل. وكلما مرت الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات زاد وجَلُهم وخفقان قلوبهم، لأنهم يسمعون في كل صوت نغمة من نغمات الموت. وبنسبة النسائم التي تغذي شجرة الزقوم في قلوبهم تراهم يموتون مرات كل يوم ثم يحيون.

عندما تدور الأيام، ويقبل خريف العمر، يحس الإنسان أنه قد هُجر من قبل الجميع، وتُرك من قبل كل الأشياء... كأن جميع الموجودات قد أدارت له ظهورها وتركته وحيدا... يحس أن العواصف الباردة تصفِّر وتعوي من حوله، ويقرأ فوق كل ورقة خريف صفراء كتابات قدره الحزين، ويسمع صرخاتها، فيرجع وفي حلقه غصة، وفي نفسه انكسار، ولا سيما إن كان لا يؤمن بالحياة الأخرى. فهو يتخيل على الدوام في أعماق روحه شبح العدم بعد غروب حياته، ويلف القلق والخوف كيانه، ويشعر بالعرق البارد للموت يتصبب من جسمه.

لا يعود ما يموج حواليه من حياة زاخرة، ولا ما يضمه الوجود من ألوان مختلفة من الجمال يثيره... لا زقزقة العصافير، ولا أصوات خرير الجداول والمياه، ولا ثغاء الحملان، ولا المناظر الخلابة للطبيعة التي لا يَشبع ولا يرتوي منها الإنسان... لوحات الجمال هذه لا تعود تعني عنده شيئا... لأن كل صوت يسمعه يذكره بالموت، وكل لوحة جمال باقة حزن له... كل ميلاد إشارة إلى الموت، وكل المولودين أسرى في يد الموت... كل فرحة انخداع وسلوى زائفة. في العالم الداخلي لهؤلاء تطارد الآلامُ الآلامَ. وكما يحدث في الكوابيس تجثم المخاوف على قلوبهم وتنعقد ألسنتهم على الدوام. نظراتهم متكدرة، ورؤوسـهم مشغولة بالهموم... وبسبب اقتراب النهاية ينقلب كلامهم إلى هذيان... وقبل دخول القبر يتصورون أنهم محاطون بالعظام العاجية للقبر وبالحيات والعقارب. أحياناً يحسون بأن أنوفهم لامست العدم، وأنهم يصغرون ويصغرون حتى يتحولوا إلى ذرات من التراب، حتى إن بعضهم يتأوهون قائلين: "ليت أمي لم تلدني".

أما إن أتينا إلى الذين زينوا قلوبهم بالإيمان، ونظموا موازيـن أفئدتهم حسب الدار الآخرة، وأدركوا أن "الإيمان نور وقوة، وأن الإنسان الذي حاز على إيمان حقيقي يستطيع تحدي الكون كله"، وعاشوا ضمن هذا التفكير والإحساس... هؤلاء تراهم على الدوام في جـو روحاني، وهم يتذكرون مرحلة طفولتهم كنغمات نشوة، ويبتهجون بوجودهم وبحياتهم. يقضون شبابهم كأبطال إرادة وفضيلة وعفّة مثل النبي يوسف عليه السلام، ويزينون مرحلة نضجهم بسلوك يكون قدوة لمن يأتي بعدهم، ويكونون كأضواء الطريق مرشدين إلى الصراط القويم على الدوام. ويقضون شيخوختهم بجدية وعزم وثبات "أولي العزم"، السائريـن باطمئنان يذكّر باطمئنان الأنبياء، وكأنهم يسيحون في شعاب الجنة.

وبينما يكاد يقترب غيرهم من الجنون عند تعرضه لخسارة فادحة، أو لأزمة ومشكلة كبيرة، يحتمي هؤلاء بإيمانهم وآمالهم ويجنون ثمارها، ويحسون ببهجة وجودهم هنا وغدا في حياة أبدية في الآخرة، فيقضون حياتهم وكأنها أبيات من شعر جميل، أو كأنهم يسبحون في عالم من الخيال، إلى درجة أن أي إشارة إلى الله تعالى وإلى الدار الآخرة ينقلهم بمنطاد سحري إلى سياحة روحية خارج هـذه الآفـاق... إلى أعماق الفضاء. وبنسبة استسلامهم لمشاعرهم الفوارة ولسحر أفكارهم، نرى أن كل روح مؤمن يبتعد عن أسر المادة والجسم ويفتح أشرعته على الفضاء الرحب للروحانية، ويحس بجميع المشاعر الرومانسية التي تفوق كل تصور لعالم فوق هذا العالم المنظور.

أجل!.. ما أجمل المشاهد التي يشاهدها قلب كل مؤمن في هذا المعرض المليء بالأسرار... وما أكثر الخوارق التي يطلع عليها، وما أخفى الأصوات التي يسمعها، وما أكثر الأمور غير الاعتيادية التي يأتي وجها لوجه معها، وما أكثر ما يتلقى من مديح من أنواع الجمال التي تحييه. وكم من مرة يُسحَر بمجموعات وقطوف من الأصوات، فيكاد يغشى عليه. وكما في الأحلام يستطيع الوصول في لحظة واحدة إلى كل ما يراه أو يسمعه أو يفكر به، ويحس بنفسه في غمرة شلال من السعادة والبهجة... يحس بكل هذا فلا يرغب أبدا في انتهاء عمره... ليس مثل عباد الدنيا، بل لكونه يصل إلى أنواع من الجمال الحقيقي وراء أستار الوجود، ولا سيما إلى الترددات والموجات المختلفة لصور الجمال المطلق.

والحقيقة أن هؤلاء، بفضل بذرة الإيمان في قلوبهم، لا يشبهون الآخرين الذين يخيم زقوم جهنم على أرواحهم، لأنهم يواجهون على الدوام عالم الآخرة بمناظرها الخلابة، ويتخيلون أنهم يتنـزهون في سفوح الجنة التي يمكن رؤية الحق تعالى منها، ويعيشون حالة تكاد تتحد فيها الدنيا بالآخرة، والروح مع البدن، والمادة مع ما فوق المادة وما وراءها.

وعندما يأتي اليوم المرتقب الذي ينـزاح فيه الستار عن العالم الآخر، تظهر بذرة جهنم الموجودة في الفكر مثل كابوس أسود يخيِّم فوق كل جانب، وتثور ثورة حمم البركان، فترتعب منها الأرواح، وتنتشر كضباب وكدخان أسود فوق جميع الآفاق، وتتحول إلى عذاب يكوي النفوس، وإلى مصيبة تنهمر كالمطر فوق الرؤوس. بينما تتحول بذرة شجرة طوبى الجنة الموجودة في القلوب المؤمنة إلى شجرة باسقة ذات أغصان متشابكة تبتسم للقلوب التي نمت فيها وترعرعت وبسقت، وتتعطر بالرَّوْح والريحان، وتنقل كل من تَمَسّك بأغصانها وأوراقها -مثل مصعد سـرّي- إلى الطمأنينة والراحة والرضوان وإلى الأبدية وإلى الجنة، وترفعهم إلى الأفـق الذي يشاهدون منه الجمال الإلهي. والخلاصة أن البذرة التي تحملها كل زمرة في قلوبها، تنمو حتى تعكس بشكل مفصَّل كل ما يختبئ من معان في هذه القلوب، وكل ما تشاهده وما تعيشه كل زمرة، وترى كل شيء عيانا بيانا، ولا سيما عندما ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ *فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِيـنَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾(المدثر:8-10) أو ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ (التكوير:11-14).

﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَـأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُـوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُـوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ (عبس:34-42). ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾(الإنسان:4-5).

في ذلك اليوم المذهل الذي يصبح عالي الأرض سافلها، وتنقطع فيه الروابط بين النجوم، وتنتثر يمينا وشمالا كحبات مسبحة، يكون قد آن الأوان لكي تنمو بذور جهنم الموجودة في الأدمغة، وبذور الجنة المستقرة في القلوب. أجل... ففي جانب نرى الصورة المرعبة الآتية: ﴿كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾(الفجر:21-26)، ومن جانب آخر نرى البشارة العظمى: ﴿يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾(الفجر:27-30).

وطوال هذا الطريق يحس الإنسان بنشوة النعم وجمالها، أو بقبح المصائب وعذاباتها... بالنسائم الرقيقة الهابّة من الجنة... أو بريح السَّموم الصادرة من جهنم والتي تكوي حتى العظام: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِـرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾(القيامة:22-25). فأما الفئة الثانية فيقال لها: ﴿اِنْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَب * لاَ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ * إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾(المرسلات:29-34). أما الفئة الأولى فلها البشـارة الكبرى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ﴾(المرسلات:41-44).

أجل!.. ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ * إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾(الأنبياء:97-98) ﴿إِنَّ الَّذِيـنَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُون * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْـتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لاَ يَحْزُنُهُمْ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمْ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾(الأنبياء:101-103).

ثم هناك فرحة المتقين عندما يأخذون كتبهم بيمينهم، فرحة تلف كيانهم وتنطلق كصرخات فرح وحبور وحمد وشكر: ﴿فَأَمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَة * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾(الحاقة:19-29). أما الذين أوتوا كتابهم بشمالهم فهم -كما ورد في الاية أعلاه- يئنّون في حسرة أليمة ويتأوهون.

أما المجرمون فهم في ضلال وسعر: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾(القمر:47-48). أما المتقون فهم: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّـاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾(القمر:54-55).

النعم المنهمرة كالمطر، والتي لم ترها عين، ولم تسمع بها أذن، ولم تخطر على قلب بشر من جانب، وجهنم التي تسمع لها شهيقا وهي تفور وتكاد تميز من الغيظ من جانب آخر: ﴿هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ اْلأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَـرَابٍ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ﴾(ص:49-52) ﴿هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾(ص:55-58).

بعضهم في فرح وحبور، لأن النعم تنهمر فوق رؤوسهم، وبعضهم في ترح وغمّ وهمّ: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾(الواقعة:27-31) ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لاَ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (الواقعة:41-45) ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾(الفرقان:24).

وبينما تمتلئ قلوب هؤلاء بلذة النعم المهداة لهم، تلهج ألسنتهم بالحمد: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ (فاطر:34-35).

المصدر: مجلة "سيزنتي" التركية، يناير 1997؛ الترجمة عن التركية: اوخان محمد علي.