موازين في فكر الأستاذ

بذرة صغيرة تنشئ شجرة باسقة... من ماءٍ مَهينٍ نشأَ هذا الإنسان العظيم... ومن قطرات الماء هدرت البحار وتَصَاخَبَت الأمواج... فإِيّاك أن تستهين بالصغير فإِنّك لا تدري أيّ كبير بالغد سيكون...!

* * *

من قطرات الماء تتكون البحار. ولكن كم من الوقت تحتاج هذه القطرات لتصنع بحرًا؟! فمن الحماقة أن نتعجّل القطرات كي تقتصر الزمن، لأن سُنن الكون لا تغيّر عاداتها من أجل سواد عيوننا!

* * *

إن رقيّ أيّ أمة وتقدمَها مرتبط بمدى التربية التي يتلقاها أفرادها من الناحية العاطفية والفكرية. فلا يُنتظر تقدم أمة لم تتوسع ‏آفاق أفرادها الفكريةُ والوجدانية.

* * *

من شروط تقدم الأمة اجتماعُ أفرادها على وحدة الهدف والغاية. فلا يمكن توقع تقدم صحيح وسليم في مجتمع انقسم أفراده ‏شيعًا وطوائف متناحرة.‏

* * *

فجِّر -أيها الإنسان- منابع العقل يأتك العلم واثبًا، وفجِّر منابع البصيرة تأتك المعرفة متواثبة. فكلّ عقل كبير فهو للبصيرة مدين، وعقل بلا بصيرة لا يزكو غرسه ولا يتسع فهمه. فإن التقيا على صعيد الإنسان، حصل المطلوب، وبان كل ظاهر ومحجوب.

* * *

في الأسحار، وبين المحاريب، فَتِّشْ عن رجال الطريق... هؤلاء لا يخذلون، ولا ينكصون... وإذا ما توعَّرَتْ الطريق وطالتْ واستوحشت، فهم المؤنسون المساندون، وعنك يذودون، ومعك كلَّ صعب يقهرون..!

* * *

انْثرْ بذورك وامضِ ولا تلوِ على شيء، ودعْ أيّاً كان يحصد ما بذرت...

* * *

كالبحر ليكن صدرك... بالإيمان مترعا... وبمحبة الإنسان مفعما... وللقلب الحزين مأوى وموئلا...

* * *

أَحْسِنْ إلى من أساء إليك... وبالذوق الرفيع قابِل المفتقرَ إلى الذوق... فالأقداح بما فيها تنضح... وبعلو نفسك وسمو خُلقك عامِلْ فقراء السلوك والخُلُق.

* * *

إذا تجوهر الإيمان في القلب انقلب إلى منجمِ حب ومحبة... فأَنَّى لمعدن الكراهية أن ينجم فيه... فكما الشيطان في الكراهية مغمور فأنـت -يا مؤمن- بالمحبة معجون...

* * *

من كان قلبه بالحق تعالى موصولا، كيف يكون حبل ودِّه مع الناس مقطوعا...؟ وكيف تغشاه وحدة... أو تنفرد به وحشة...؟

* * *

لا تتكلَّمْ قبل أن تَغْمِس لسانَ قلبكَ برحيقِ رُوحك، لتتهافَتَ عليك الضمائر تَهافت الفَراش على رحيق الزَّهر، وكم من القلوب ستغتسل بأضواء قلبك عندما تورقُ شجرة إخلاصك...

* * *

تعرّف إلى ذاتك، وبنورها استنر، فإن عرفتها عرفتَ ربك.. أما سيّؤو الحظ، فلا أعماقَهم لمسوا، ولا جوهرَهم أدركوا، ولا ربَّهم عرفوا... مثلهم كمثل حمّال على ظهره كنـز ينوء بحمله لكنه لا يعرف قيمة ما يحمله... ففقيرًا يبقى، وتعيسا يظل، وشقيا يموت.

* * *

القرآن... نوره في سماء القلوب يتوهج، وعليه الأرواح تحوم، وبه تهتدي... حقٌّ وحقيقة كله، لا يُسْبَرُ غورُه، ولا يدرَك وسْعُه... مَن يعشه يرَ جمال الوجود في زهرة، وطوفان الأرض في قطرة..

* * *

روح مشتعل، ووجدان ملتهب، بالدمع أطفئه... فعينك إذا اغرورقت بالدموع هي صنو العين إذا الماء عنها تفجَّر، ولهبَ الصحراء أطفأَ وسقا..!

* * *

ظِلُّ عصًا معوجّة لا يستقيم، فكيف يستقيم ظلُّ إنسان معوج النفس ومنحرف القلب...

* * *

لو يدرك الشاب فعل الزمن في هدمه وتجريده مما يتباهى به، لَسارع يفتش عمّن يأخذ بيده نحو عالَم لا يشيخ فيه ولا يفنى، بل يبقى خالدا مخلّدا.

* * *

الابتعاد عن العلوم الوضعية بحجة أنها تؤدي إلى الإلحاد تصرفٌ صبياني. أما النظر إليها وكأنها تعادي الدين فهو حكم مسبق وجهل مطبق.

* * *

كن نقّاد نفسك وخصيم أخطائك كأنك مدّعٍ عام، وابْحثْ عن تبرير لأخطاء غيرك كأنك محام...

* * *

ترجم إيمانك إلى عمل واجمع بينهما تكن مؤمنا حقا... روّضْ نفسك على ذلك، وارفع مشاعرك إلى آفاق السرمدية... إنْ فعلتَ ذلك، أتاك العالم متطامنا بين يديك تحركه كيف تشاء...

* * *

عندما لا يحترق القلب شوقا، والروح عذابا، والذهن همًّا فلا تتكلم! وإلا فلن تجد أحدا يصغي إليك.

* * *

كما تتساكب قطرات الغيث من بين الغيوم، هكذا ينساب جمال النفس من القلب الموصول بالله...

* * *

كالشمعة... عليك أن تشتعل وتذوب لتنير الدروب للآخرين...

* * *