قبسات من أفكاره

أريد مجانين

تشبَّعْ بحبّ الله إلى حدّ الجنون... لا يغرينّك عنه حسن ولا يفتننك عنه جمال... اِرقَ على كل المعادلات، وتسامَ على كل المقاييس... ارْفَعْ شعار الثورة ضدّ كل مألوف، واهتف كما هتف الرومي "هلمّ إليّ يا إنسان!"، ثم ادفن نفسك في غياهب النسيان... ناد كما نادى بديع الزمان "وا إنسانيتاه!"، ثم امضِ ولا تفكّر بسعادتك الشخصية... أجل، اِنْس رغد الحياة، انْس البيت والولد، واسلك درب أهل السموّ الواصلين لتكون من الناجين.

مجانينَ أريد، حفنةً من المجانين... يثورون على كل المعايير المألوفة، يتجاوزون كل المقاييس المعروفة. وبينما الناس إلى المغريات يتهافتون، هؤلاء منها يفرّون وإليها لا يلتفتون... أريد حفنة ممّن نُسبوا إلى خفّة العقل لشدة حرْصهم على دينهم وتعلّقهم بنشر إيمانهم؛ هؤلاء هم "المجانين" الذين مدحهم سيد المرسلين، إذ لا يفكرون بملذّات أنفسهم، ولا يتطلعون إلى منصب أو شهرة أو جاه، ولا يرومون متعة الدنيا ومالها، ولا يفتنون بالأهل والبنين... يا ربّ، أتضرع إليك... خزائن رحمتك لا نهاية لها، أعطِ كل سائل مطلبه، أما أنا فمطلبي حفنة من المجانين... يا رب يا رب...

* * *

إننا نحسب أن الإبَّانَ قد حان، للتفكير الجدي في تجديد قنوات التواصل العلمي والثقافي، بين أبناء الأمة الواحدة علمائِها ومفكريها لتبادل وجهات النظر، وتعاطي ثمرات التجارب، وتقريب الرؤى والتصورات، فيما يتعلق بأمر تجديد الدين، وعلاجِ جراحِ الأمة الثَّخِينَةِ، ومحاربة اليأس والقُنُوطِ، وتوجيه الجيل إلى ظلال الاِسْتِرْوَاحِ من رَوْحِ الله، وتجديد الثقة به تعالى واليقين. ونحسب أنّ نشر الكلمة الطيبة، المحملة بالعلم النافع، والأخلاق الرفيعة، والسلوك الروحي الصافي، وإيصال مواردها العذبة إلى جميع الناس، اعتمادا على المنهاج القرآني السليم، القائم على الوسطية والاعتدال، ونشر المحبة والسلام لكفيل بالنهوض بهذا الهدف النبيل والمقصد الجليل.

إن شعوب العالم لفي حاجة إلينا نحن معشرَ المسلمين، إذا نحن مَثَّلْنَا دينَنا وحضارتَنا حَقَّ التمثيل. وإنه لا عذْر لنا اليوم في عدم التواصل الإيجابي مع الآخر، وعرض نموذجنا الإسلامي الراقي، في أسواق العالم الثقافية. بَيْدَ أن أولى الخطوات أن نتواصل فيما بيننا نحن أبناء الأمة الواحدة أولا.